ابن خالويه فعلا ماضيا على وزن استفعل من البريق إلا أن استفعل فيه موافق للمجرد الذي هو برق وظاهر كلام الأهوازي في الاقناع أنه وحده قرأ كذلك وجعله اسما ممنوعا من الصرف ولم يجعله فعلا ماضيا .
وقال صاحب اللوامح : قرأ ابن محيصن واستبرق بوصل الهمزة في جميع القرآن مع التنوين فيجوز أنه حذف الهمزة تخفيفا على غير قياس ويجوز أنه جعله كلمة عربية من برق الثوب يبرق بريقا إذا تلألأ بجدته ونضارته فيكون وزنه استفعل من ذلك فلما سمي به عامله معاملة الفعل في وصل الهمزة ومعاملة المتمكن من الأسماء في الصرف والتنوين وأكثر التفاسير على أنه عربي وليس بمستعرب انتهى ولا يخفى أنه مخالف للنقلين السابقين ويمكن أن يقال : ان لابن محيصن قراءتين فيه الصرف والمنع منه فنقل بعض قراءة وبعض آخر أخرى لكن ذكر ابن جني أن قراءة فتح القاف سهو أو كالسهو قال أبو حيان : وإنما قال ذلك لأن جعله اسما ومنعه من الصرف لا يجوز أنه غير علم فتكون سهوا وقد أمكن جعله فعلا ماضيا فلا تكون سهوا انتهى .
وفي الجمع بين السندس والإستبرق إشعار ما بأن لأولئك القوم في الجنة ما يشتهون ونكرا لتعظيم شأنهما كيف لا وهما وراء ما يشاهد من سندس الدنيا واستبرقها بل وما يتخيل من ذلك وقد أخرج البيهقي عن أبي الخير مرفد بن عبدالله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس منه تكون ثياب أهل الجنة .
وأخرج الطيالسي والبخاري في التاريخ والنسائي وغيرهم عن ابن عمر قال : قال رجل يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة أخلقا تخلق أم نسجا تنسج فقال : بل يتشقق عنها ثمر الجنة وظاهره أنها من سندس كانت أو من استبرق كذلك وقدمت التحلية على اللباس لأن الحلي في النفس أعظم وإلى القلب أحب وفي القيمة أغلى وفي العين أحلى وبنى فعله للمفعول إشعارا بأنهم لا يتعاطون ذلك بأنفسهم وإنما يفعله الخدم كما قال الشاعر : غرائز في كن غصون ونعمة يحليها ياقوتا وشذرا مفقرا وكذلك سائر الملوك في الدنيا يلبسهم التيجان ونحوها من العلامات المرصعة بالجواهر خدمهم وأسند اللبس إليهم لأن الإنسان يتعاطى ذلك بنفسه خصوصا إذا كان فيه ستر العورة وقيل : بني الاول للمفعول والثاني للفاعل إشارة إلى أن التحلية تفضل من الله تعالى واللبس استحقاقهم وتعقب بأن فيه نزغة اعتزالية ويدفع بالعناية متكئين فيها على الأرآئك جمع أريكة كما قال غير واحد وهو السرير في الحجلة فإن لم يكن فيها فلا يسمى أريكة .
وأخرج ذلك البيهقي عن ابن عباس وقال الراغب : الأريكة حجلة على سرير وتسميتها بذلك إما لكونها في الأرض متخذة من أراك وهو شجر معروف أو لكونها مكانا للإقامة من قولهم أراك بالمكان أروكا وأصل الأرواك الإقامة على رعي الإراك ثم تجوز به في غيره من الإقامات وروى تفسيرها بذلك عن عكرمة .
وقال الزجاج : الأرائك الفرش في الحجال والظاهر أنها على سائر الأقوال عربية وحكى أبو الجوزي في فنون الأفنان أنها السرر بالحبشية وأيا ما كان فالكلام على ما قاله بعض المحققين كناية عن تنعمهم وترفههم فإن الاتكاء على الأرائك شأن المتنعمين المترفهين والآثار ناطقة بأنهم يتكؤن ويتنعمون فقد أخرج