كما قال : والله لأعطينك إن قام زيد فقام ولم يفعل وفي التزام الحنث في ذلك خروج عن الاجماع وقد أجاب عنه المرتضى بأن للاستثناء الداخل في الكلام وجوها مختلفة فقد يدخل في الأيمان والطلاق والعتاق وسائر العقود وما يجري مجراها من الأخبار وهذا يقتضي التوقف عن إمضاء الكلام والمنع من لزوم ما يلزم به ويصير به الكلام كأنه لا حكم له ويصح في هذا الوجه الاستثناء في الماضي فيقال : قد دخلت الدار إن شاء الله تعالى ليخرج بذلك من أن يكون خبرا قاطعا أو يلزم به حكم ولا يصح في المعاصي لأن فيه إظهار الانقطاع إلى الله تعالى والمعاصي لا يصلح ذلك فيها قال : وهذا الوجه أحد محتملات الآية وقد يدخل في الكلام ويراد به التسهيل والأقدار والتخلية والبقاء على ما هو عليه من الأحوال وهذا هو المراد إذا دخل في المباحات وهو ممكن في الآية وقد يدخل لمجرد غرض الانقطاع إلى الله تعالى ويكون على هذا غير معتمد به في كون الكلام صادقا أو كاذبا وهو أيضا ممكن في الآية وقد يدخل ويراد به اللطف والتسهيل وهذا يختص بالطاعات ولا يصح أن تحمل الآية عليه لأنها تتناول كل ما لم يكن قبيحا .
وقول المديون السابق إن قصد به هذا المعنى لا يلزم منه الحنث إذا لم يفعل ويدين المديون وغيره إن ادعى قصد ما لا يلزمه فيه شيء فلا ورود لما اعترضوا به والانصاف أن الاعتراض ليس بشيء والرد عليهم غني عن مثل ذلك هذا ثم اعلم أن إطلاق الاستثناء على التقييد بأن شاء الله تعالى بل على التقييد بالشرط مطلقا ثابت في اللغة والاستعمال كما نص عليه السيرافي في شرح الكتاب .
وقال الراغب : الاستثناء دفع ما يوجبه عموم سابق كما في قوله تعالى : قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الخ أو دفع ما يوجبه اللفظ كقوله : امرأته طالق إن شاء الله تعالى انتهى .
وفي الحديث من حلف على شيء فقال : إن شاء الله تعالى فقد استثنى فما قيل : إن كلمة إن شاء الله تعالى تسمى استثناء لأنه عبر عنها بقوله سبحانه : إلا أن يشاء الله ليس بسديد فكذا ما قيل : إنها أشبهت الاستثناء في التخصيص فأطلق عليها اسمه كذا قال الخفاجي ولا يخفى أن في الحديث نوع إباء لدعوى أن إطلاق الاستثناء على التقييد بأن شاء الله تعالى لغوي لأنه لم يبعث لا فائدة المدلولات اللغوية بل لتبليغ الأحكام الشرعية فتذكر .
واذكر ربك تعالى أي مشيئة ربك فالكلام على حذف مضاف وذكر مشيئته تعالى على ما يدل عليه ما قبل أن يقال إن شاء الله تعالى وقد قال ذلك رسول الله حين نزلت إذا نسيت أي إذا فرط منك نسيان ذلك ثم تذكرته فإنه مادام ناسيا لا يؤمر بالذكر وهو أمر بالتدارك عن التذكر سواء قصر الفصل أم طال وقد أخرج ابن جرير والطبراني وابن المنذر وغيرهم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة ويقرأ الآية وروى ذلك عن أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم وهو رواية عن الإمام أحمد عليه الرحمة وأخرج ابن المنذر عن ابن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني قال : له ثنياه إلى شهر وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة قال : وكان طاوس يقول ما دام في مجلسه وأخرج ابن أبي حاتم أيضا عن إبراهيم قال : يستثنى