الطبري أنه من الفساد بحيث كان الواجب أن لا يحكى خروج عن الإنصاف وهو مفرغ من أعم الأحوال .
وفي الكلام تقدير باء للملابسة داخلة على أن والجار والمجرور في موضع الحال أي لا تقولن ذلك في حال من الأحوال إلا حال ملابسته بمشيئة الله D بأن تذكر قال في الكشف : إن التباس القول بحقيقة المشيئة محال فبقي أن يكون بذكرها وهو إن شاء الله تعالى ونحوه ما يدل على تعليقه الأمور بمشيئة الله تعالى .
ورد بما يصلح أن يكون تأييدا لا ردا وجوز أن يكون المستثنى من أعم الأوقات أي لا تقولن ذلك في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئة الله تعالى ذلك القول منك وفسرت المشيئة على هذا بالإذن لأن وقت المشيئة لا يعلم إلا بإعلامه تعالى به وإذنه فيه فيكون مآل المعنى لا تقولن إلا بعد أن يؤذن لك بالقول وجوز أيضا أن يكون الاستثناء منقطعا والمقصود منه التأييد أي ولا تقولن ذلك أبدا ووجه ذلك في الكشف بأنه نهي عن القول إلا وقت مشيئة الله تعالى وهي مجهولة فيجب الانتهاء أبدا وأشار إلى أنه هو مراد الزمخشري لا ما يتوهم من جعله مثل قوله تعالى : وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله من أن التأييد لعدم مشيئته تعالى فعل ذلك غدا لقبحه كالعود في ملة الكفر لأن القبح فيما نحن فيه على إطلاقه غير مسلم والتخصيص بما يتعلق بالوحي على معنى لا تقولن فيما يتعلق بالوحي إني أخبركم به إلا أن يشاء الله تعالى والله تعالى لم يشأ أن تقوله من عندك فإذا لا تقولنه أبدا يأباه النكرة في سياق النهي المتضمن للنفي والتقييد بالمستقبل وأن قوله : فاعل ذلك غدا أي مخبر عن أمر يتعلق بالوحي غدا غير مؤذن بأن قوله في الغد يكون من عنده لا عن وحي فالتشبيه في أن الاستثناء بالمشيئة استعمل في معرض التأييد وإن كان وجه الدلالة مختلفا أخذا من متعلق المشيئة تارة ومن الجهل بها أخرى ولا يخفى أن الظاهر في الآية الوجه الأول وأن أمته وهو في الخطاب الذي تضمنته سواء مخصوصا بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يجوز أن يكون الاستثناء متعلقا بقوله تعالى : إني فاعل بأن يكون استثناء مفرغا مما في حيزه من أعم الأحوال أو الأوقات لأنه حينئذ إما أن تعتبر تعلق المشيئة بالفعل فيكون المعنى إني فاعل في كل حال أو في كل وقت إلا في حال أو قت مشيئة الله تعالى الفعل وهو غير سديد أو يعتبر تعلقها بعدمه فيكون المعنى إني فاعل في كل حال أو في كل وقت إلا في حال أو وقت مشيئة الله تعالى عدم الفعل ولا شبهة في عدم مناسبته للنهي بل هو أمر مطلوب .
وقال الخفاجي : إذا كان الاستثناء متعلقا بأني فاعل والمشيئة متعلقة بالعدم صار المعنى إني فاعل في كل حال إلا إذا شاء الله تعالى عدم فعلي وهذا لا يصح النهي عنه أما على مذهب أهل السنة فظاهر وأما على مذهب المعتزلة فلأنهم لا يشكون في أن مشيئة الله تعالى لعدم فعل العبد الاختياري إذا عرضت دونه بإيجاد ما يعوق عنه من الموت ونحوه منعت عنه وإن لم تتعلق عندهم بإيجاده وإعدامه وكذا لا يصح النهي إذا كانت المشيئة متعلقة بالفعل في المذهبين فما قيل : إن تعلق الاستثناء بما ذكر صحيح والمعنى عليه النهي عن أن يذهب مذهب الاعتزال في خلق الأعمال فيضيفها لنفسه قائلا إن لم تقترن مشيئة الله تعالى بالفعل فأنا فاعله استقلالا فإن اقترنت فلا لا يخفى ما فيه على نبيه فتأمل وقد شاع الاعتراض على المعتزلة في زعمهم أن المعاصي واقعة من غير إرادة الله تعالى ومشيئته وأنه تعالى لا يشاء إلا الطاعات بأنه لو كان كذلك لوجب فيما إذا قال : الذي عليه دين لغيره قد طالبه به والله لأعطينك حقك غدا إن شاء الله تعالى أن يكون حانثا إذا لم يفعل لأن الله تعالى قد شاء ذلك لكونه طاعة وإن لم يقع فتلزمه الكفارة عن يمينه ولم ينفعه الاستثناء