وامتناع ذلك في الواقعة نعتا فكما ثبت مخالفة الحال الصفة في هذه الأشياء ثبتت مخالفتها إياها بمقارنة الواو والجملة الحالية وامتناع ذلك في الجملة النعتية الثاني أنه مذهبه في هذه المسألة لا يعرف بين البصريين والكوفيين فوجب أن لا يفلت إليه والثالث أنه معلل بما لا يناسب وذلك أن الواو تدل على الجمع بين ما قبلها وما بعدها وذلك مستلزم لتغايرهما وهو ضد لما يراد من التوكيد فلا يصح أن يقال لعاطف مؤكد الرابع أن الواو فصلت الأول من الثاني ولولاها لتلاصقا فكيف يقال إنها أكدت لصوقها الخامس أن الواو لو صلحت لتأكيد لصوق الموصوف بالصفة لكان أولى المواضع بها موضعا لا يصلح للحال بخلاف جملة تصلح في موضعها الحال ا ه ويعلم ما فيه بالتأمل الصادق فيما تقدم .
والعجب مما ذكره في الوجه الرابع فهو توهم يستغرب من الأطفال فضلا عن فحول الرجال فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك .
وقال بعضهم : إن ضمائر الأفعال الثلاث للخائضين في قصة أصحاب الكهف في عهد النبي من أهل الكتاب والمسلمين لا على وجه إسناد كل من الأفعال إلى كلهم بل إلى بعضهم فالقول الأول لليهود على ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي وقيل لسيد من سادات نصارى العرب النجرانيين وكان يعقوبيا وكان قد وفد مع جماعة منهم إلى رسول الله فجرى ذكر أصحاب أهل الكهف فذكر من عدتهم ما قصه الله تعالى شأنه ولعل التعبير بضمير الجمع لموافقة من معه إياه في ذلك والقول الثاني على ما روي عن السدي أيضا النصارى ولم يقيدهم وقيل العاقب ومن معه من نصارى نجران وكانوا وافدين أيضا وكان نسطوريا والقول الثالث لبعض المسلمين وكان عز اسمه لما حكى الأقوال قبل أن تقال على ذلك لقنهم الحق وأرشدهم إليه بعدم نظم ذلك القول في سلك الرجم بالغيب كما فعل بأخويه وتغيير سبكه بإقحام الواو وتعقيبه بما عقبه به على ما سمعت من كون ذلك إمارة على الحقيقة والمراد بالقليل على هذا من وفقه الله تعالى للاسترشاد بهذه الأمارات كابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقد مر غير بعيد أنه عد من ذلك وذكر ما ظاهره الاستشهاد بالواو .
وقيل إنهم علموا تلك العدة من وحي غير ما ذكر بأن يكون قد أخبرهم بذلك عن إعلام الله تعالى إياه به وتعقبه بأنه لو كان كذلك لما خفي على الحبر ولما احتاج إلى الاستشهاد ولكان المسلمون أسوة له في العلم بذلك وأجيب بأنه لا مانع من وقوف الحبر على الخبر مع جماعة قليلة من المسلمين و لا يلزم من إخباره بشيء وقوف جميع الصحابة عليه فكم من خبر تضمن حكما شرعيا تفرد بروايته عنه E واحد منهم رضي الله تعالى عنهم فما ظنك بما هو من باب القصص التي لم تتضمن ذلك واستشهاده رضي الله تعالى عنه نصا لا ينافي الوقوف بل قد يجامعه بناء على ما وقفت عليه آنفا فهو ليس نصا في عدم الوقوف .
وقد أورد على القول بأن منشأ العلم التلقن من هذا الوحي لما تضمن من الأمارات أنه يلزم من ذلك كون الصحابة السامعين للآية أسوة لابن عباس في العلم نحو ما ذكره المتعقب بل لأنهم العرب الذين أرضعوا ثدى البلاغة في مهد الفصاحة وأشرقت على آفاق قلوبهم وصفحات أذهانهم من مطالع إيمانهم الاستوائية أنوار النبوة المفاضة من شمس الحضرة الأحدية وقلما تنزل آية ولا تلقى عصاها في رباع أسماعهم لوفور رغبتهم في