المحذوف والإخبار إذا تعددت جاز في الثاني منها الاقتران بالواو وعدمه وهذا إن سلم أن المعنى في الجمل واحد أما إذا قيل إن قوله تعالى وثامنهم كلبهم استئناف منه سبحانه لا حكاية عنهم فيفهم القائلين سبعة أصابوا ولا يلزم أن يكون خبرا بعد خبر ويقويه ذكر رجما بالغيب قبل الثالثة فدل على أنها مخالفة لما قبلها في الرجم بالغيب فتكون صدقا البتة إلا أن هذا الوجه يضعف من حيث أن الله تعالى قال ما يعلمهم إلا قليل فلو جعل وثامنهم كلبهم تصديقا منه تعالى لمن قال سبعة لوجب أن يكون العالم بذلك كثيرا فإن أخبار الله تعالى صدق فدل على أنه لم يصدق منهم أحد وإذا كان كذلك وجب أن تكون الجملة كلها متساوية في المعنى وقد تعذر أن تكون الأخيرة وصفا فوجب أن يكون الجميع كذلك انتهى ويفهم أن الواو هي المانعة من الوصفية والداء هو الداء فالدواء هو الدواء .
وقوله : وإذا كان كذلك وجب إلخ كلام بمراحل عن مقتضى البلاغة لأن في كل اختلاف فوائد والبليغ من ينظر إلى تلك الفوائد لا من يرده إلى التطويل والحشو في الكلام وأيضا لابد من قول صادق من الأقوال الثلاثة لينطبق قوله تعالى ما يعلمهم إلا قليل مع قوله سبحانه رجما بالغيب لأنه قد اندفع به القولان الأولان فيكون الصادق هذا .
وتعقيبه به أمارة على صدقه وذلك مفقود على ما ذهب إليه السائل ومع هذا أين طلاوة الكلام وأين اللطف الذي تستلذه الأفهام وما ذكره من لزوم كون العالم بذلك كثيرا على تقدير كون وثامنهم كلبهم استئنافا منه تعالى لأن أخبار الله تعالى صدق لا يخلو عن بحث لأن المصدق حينئذ هم المسلمون وهم قليل بالنسبة إلى غيرهم ولا اختصاص للقليل بما دون العشرة وإن أخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه أنه قال : كل قليل في القرآن فهو دون العشرة فإن ذلك في حيز المنع ودون إثباته التعب الكثير على أنه يمكن أن يقال : المراد قلة العالمين بذلك قبل تصديقه تعالى ولا يبعد أن يكونوا قليلين في حد أنفسهم من المسلمين كانوا أو من أهل الكتاب أو منهما نعم القول بالاستئناف مما لا ينبغي أن يلتفت إليه وإن ذهب إليه بعض المفسرين هذا ووافق في الانتصار جماعة منهم سيد المحققين وسند المدققين فقال : الظاهر أن قوله تعالى وثامنهم كلبهم صفة لسبعة كما يشهد به أخواه وأيضا ليس سبعة في حكم الموصوفة كما قيل في قرية في قوله تعالى وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم حتى يصح الحمل على الحال اتفاقا ولا شك أن معنى الجمع يناسب معنى اللصوق وباب المجاز مفتوح فتحمل هذه الواو عليه تأكيد اللصوق الصفة بالموصوف فتكون هذه أيضا فرعا للعاطفة كالتي بمعنى مع والحالية والاعتراضية .
وأيد ذلك أيضا بما روي عن ابن عباس وأورد على تعليل منعه للحالية بعدم كون النكرة في حكم الموصوفة أنه لا ينحصر مسوغ مجيء الحال من النكرة في كونها موصوفة أو في حكم الموصوفة كما في الآية التي ذكرها فقد ذكر في المغني أن من المسوغات اقتران الجملة الحالية بالواو فليحفظ .
وقد وافق ابن مالك الرادين له فقال في شرح التسهيل : ما ذهب إليه صاحب الكشاف من توسط الواو بين الصفة والموصوف فاسد من خمسة أوجه أحدها أنه قاس في ذلك الصفة على الحال وبينهما فروق كثيرة لجواز تقدم الحال على صاحبها وجواز تخالفهما في الإعراب والتعريف والتنكير وجواز إغناء الواو عن الضمير في الجملة الحالية