الصفة بالنسبة إلى الموصوف فإن جاء زيد راكبا في حكم جاء وهو راكب بخلاف جاء زيد الراكب فافهمه .
سلمنا أنها داخلة بين الصفة والموصوف لتأكيد اللصوق لكن الدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر غير مسلم به وأين الدليل عليه وكون الواو هي التي آذنت بأن القول المذكور عن ثبات علم وطمأنينة نفس في غاية البعد والقول بأن الاتباع يدل على ذلك إن أريد منه أنه يدل على إيذان الواو بما ذكر فبطلانه ظاهر وإن أريد منه أنه يدل على صدق قائلي القول الأخير وعدم صدق قائلي القولين الأولين فمسلم أن اتباع القولين الأولين برجما بالغيب يدل على عدم الصدق دلالة لاشبهة فيها لكن لا نسلم أن عدم اتباع القول الأخير به واتباعه بما اتبع يدل على ذلك وإن سلمنا فهو يدل دلالة ضعيفة ولا نسلم أيضا دلالة كلام ابن عباس على ما ذكر والظاهر أنه علم أن القول الأخير صادق من الصادق المصدوق وأن مراده من قوله حين وقعت الواو وانقطعت العدة أن الذي هو صدق ما وقعت الواو فيه وانقطعت العدة به فالحق أن الواو واو عطف والجملة بعده معطوفة على الجملة قبله وانتصر العلامة الطيبي للزمخشري وأجاب عما اعترض به عليه فقال : اعلم أنه لا بد قبل الشروع في الجواب من تبيين المقصود تحريرا للبحث فالواو هنا ليست على الحقيقة و لايعتبر في المجاز النقل الخصوصي بل المعتبر فيه اعتبار نوع العلاقة وذكروا أن المجاز في عرف البلاغة أولى من الحقيقة وأبلغ وأن مدار علم البيان الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم ولا يتوقف على التوقيف وليس ذلك معلم النحو والمجاز لا يختص بالاسم والفعل بل يقع في الحروف .
وقد نقل شارح اللباب عن سيبويه أن الواو في قولهم : بعت الشاة ودرهما بمعنى الباء وتحقيقه أن الواو للجمع والباء للإلصاق وهما من واد واحد فسلك به طريق الاستعارة وكم وكم وإذا علم ذلك فليعلم أن معنى قوله : فائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف أن للصفة نوع اتصال بالموصوف فإذا أريد توكيد اللصوق وسط بينهما الواو ليؤذن أن هذه الصفة غير منفكة عن الموصوف وإليه الإشارة فيما بعد من كلامه وأن الحال في الحقيقة صفة لا فرق إلا بالاعتبار ألا ترى أن صفة النكرة إذا تقدمت عليها وهي بعينها تصير حالا ولو لم يكونا متحدين لم يصح ذلك ثم إن قولك : جاءني رجل ومعه آخر وقولك : مررت بزيد ومعه آخر لما كانا سواء في الصورة اللهم إلا في اعتبار المعرفة والنكرة كأن حكمهما سواء في الواو وهو مراد الزمخشري من إيراد المثالين لا كما فهم بعضهم وأما قول الفرايدي في تعليل امتناع دخول الواو بين الصفة والموصوف لاتحادهما ذاتا وحكما وهو مناف لما يقتضيه دخول الواو من المغايرة فمبني على أن الواو عاطفة لأنها هي التي تقتضي المغايرة كما قال السكاكي وقد بين وجه مجازه لمجرد الربط .
موأما قوله في جاءني رجل ومعه آخر أنه جملتان فهو كما تراه وأما قوله : إن جاء زيد راكبا في حكم جاء زيد وهو راكب فمن المعكوس فإن الأصل في الحال الإفراد كما يدل عليه كلام ابن الحاجب وغيره من الأعيان وأما تسليمه الدخول لتأكيد اللصوق ومنه الدلالة على أن الاتصاف أمر ثابت مستقر فمن العجائب فكيف يسلم التأكيد ولا يسلم فائدته ويدفع الاعتراضات الباقية أن ما استند إليه الزمخشري ليس من باب الأدلة اليقينية بل هي من باب الإمارات وتكفي في هذه المقامات وقال ابن الحاجب : لا يجوز أن يكون رابعهم كلبهم وسادسهم كلبهم صفة لما قبل ولا حالا لعدم العامل مع عدم الواو ويجوز أن يكون كل منهما خبرا بعد خبر للمبتدأ