غيرهم فهو الحق دون القولين الأولين والدليل على ذلك أنه سبحانه وتعالى أتبعهما قوله تبارك اسمه رجما بالغيب وأتبع هذا قوله D قل ربي أعلم بعدتهم أي أقوى وأقدم في العلم بها ما يعلمهم أي ما يعلم عدتهم على ما ينساق إلى الذهن نظرا إلى المقام إلا قليل وعلى إيذان لواو وبما ذكر يدل كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقد روي أنه قال : حين وقعت الواو انقطعت العدة أي لم يبق بعدها عدة عاد يلتفت إليها وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع والبتات .
وقد نص عطاء على أن هذا القليل من أهل الكتاب وقيل من البشر مطلقا هو الذي يقتضيه ما أخرجه الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال : أنا من أولئك القليل وأخرجه عنه غير واحد من طرق شتى وأخرج نحوه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود .
وزعم بعضهم أن المراد إلا قليل من الملائكة عليهم السلام لا يرتضيه أحد من البشر والمثبت في هذا الاستثناء هو العالمية وذلك لا يضر في كون الأعلمية له D هذا وإلى كون الواو كما ذكر الزمخشري ذهب ابن المنير وقال بعد نقله : وهو الصواب لا كالقول بأنها واو الثمانية فإن ذلك أمر لا يستقر لمثبته قدم ورد ما ذكروه من ذلك وسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه التنبيه عليه .
وقال أبو البقاء : الجملة إذا وقعت صفة للنكرة جاز أن يدخلها الواو وهذا هو الصحيح في إدخال الواو في ثامنهم واعترض على ذلك غير واحد فقال أبو حيان : كون الواو تدخل على الجملة الواقعة صفة دالة على لصوق الصفة بالموصوف وعلى ثبوت اتصاله بها شيء لا يعرفه النحويون بل قرروا أنه لا تعطف الصفة التي ليست بجملة على صفة أخرى إلا إذا اختلفت المعاني حتى يكون العطف دالا على المغايرة وأما إذا لم تختلف فلا يجوز العطف هذا في الأسماء المفردة وأما الجمل التي تقع صفة فهي أبعد من أن يجوز ذلك فيها .
وقد ردوا على من ذهب إلى أن قول سيبويه : وأما ما جاء بالمعنى وليس باسم ولا فعل إلى أن وليس باسم إلخ صفة لمعنى وأن الواو دخلت في الجملة بأن ذلك ليس من كلام العرب وليس من كلامهم مررت برجل ويأكل على تقدير الصفة وأما قوله تعالى إلا ولها كتاب معلوم فالجملة فيه حالية ويكفي ردا لقول الزمخشري أنا لا نعلم أحدا من علماء النحو ذهب إليه ا ه .
وقال صاحب الفرائد : دخول الواو بين الصفة والموصوف غير مستقيم لاتحاد الصفة والموصوف ذاتا وحكما وتأكيد اللصوق يقتضي الأثنينية مع أنا نقول : لا نسلم أن الواو تفيد التأكيد وشدة اللصوق غاية ما في الباب أنها تفيد الجمع والجمع ينبيء عن الأثنينية واجتماع الصفة والموصوف ينبيء عن الاتحاد بالنظر إلى الذات وقد ذكر صاحب المفتاح أن قول من قال : إن الواو في قوله تعالى ولها كتاب معلوم داخلة بين الصفة والموصوف سهو منه وإنما هي واو الحال وذو الحال قرية وهي موصوفة أي وما أهلكنا قرية من القرى إلا ولها إلخ وأما جاءني رجل ومعه آخر ففيه وجهان أحدهما أن يكون جملتين متعاطفتين وثانيهما أن يكون آخر معطوفا على رجل أي جاءني رجل ورجل آخر معه وعدل عن جاءني رجلان ليفهم أنهما جاءا مصاحبين وأما الواو في مررت بزيد وفي يده سيف فإنما جاز دخولها بين الحال وذيها لكون الحال في حكم جملة بخلاف