الضمير فإنها قد تضم إذا لقيها ساكن نحو رموا السهام وروي أن ذلك عن شيبة وأبي جعفر .
لوليت منهم فرارا أي لأعرضت بوجهك عنهم وأوليتهم كشحك ونصب فرارا إما على المصدر لوليت إذ التولية والفرار من واد واحد فهو كجلست قعودا أو لفررت محذوفا وإما على الحالية بتأويله باسم الفاعل أو بجعله من باب فإنما هي إقبال وإدبار وإما على أنه مفعول لأجله أي لرجعت لأجل الفرار ولملئت منهم رعبا 81 أي خوفا يملأ الصدر ونصب على أنه مفعول ثان ويجوز أن يكون تمييزا وهو محول عن الفاعل وكون الخوف يملأ مجاز في عظمه مشهور كما يقال في الحسن إنه يملأ العيون .
وفي البحر أبعد من ذهب إلى أنه تمييز محول عن المفعول كما في قوله تعالى شأنه : وفجرنا الأرض عيونا لأن الفعل لو سلط عليه ما تعدى إليه تعدي المفعول به بخلاف ما في الآية وسبب ما ذكر أن الله D ألقى عليهم من الهيبة والجلال ما ألقى وقيل سببه طول شعورهم وأظفارهم وصفرة وجوههم وتغير أطمارهم وقيل : إظلام المكان وإيحاشه .
وتعقب ذلك أبو حيان بأن القولين ليسا بشيء لأنهم لو كانوا بتلك الصفة أنكروا أحوالهم ولم يقولوا لبثنا يوما أو بعض يوم ولأن الذي بعث إلى المدينة لم ينكر إلا المعالم والبناء لا حال نفسه ولأنهم بحالة حسنة بحيث لا يفرق الرائي بينهم وبين الايقاظ وهم في فجوة موصوفة بما مر فكيف يكون مكانهم موحشا ا ه .
وأجيب بأنهم لا يبعد عدم تيقظهم لحالهم فإن القائم من النوم قد يذهل عن كثير من أموره ويدعي استمرار الغفلة في الرسول وإنكاره للمعالم لا ينافي إنكار الناس لحاله وكونه على حالة منكرة لم يتنبه لها وأيضا يجوز أنهم لم يطلعوا على حالهم ابتداء فقالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم ثم تنبهوا له فقالوا : ربكم أعلم بما لبثتم وأيضا يجوز أن يكون هذا الخطاب للنبي وذلك الحال إنما حدث بعد انتباههم الذي بعثوا فيه رسولهم إلى المدينة وعلى هذا لا يضر عدم إنكار الرسول حال نفسه لأنه لم يحدث له ما ينكر بعد وإيحاش المكان يجوز أن يكون حدث بعد علي هذا أيضا وذلك بتغيره بمرور الزمان ا ه و لا يخفى على منصف ما في هذه الأجوبة فالذي ينبغي أن يعول عليه أن السبب في ذلك ما ألقى الله تعالى عليهم من الهيبة وهم في كهفهم وأن شعورهم وأظفارهم إن كانت قد طالت فهي لم تطل إلى حد ينكره من يراه واختار بعض المفسرين أن الله تعالى لم يغير حالهم وهيئتهم أصلا ليكون ذلك آية بينة والخطاب هنا كالخطاب فيما سبق وعلى احتمال أن يكون له يلزم أن يكونوا باقين على تلك الحالة التي توجب فرار المطلع عليهم ومزيد رعبه إلى ما بعد نزول الآية فمن لا يقول به لا يقول به .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف الذين ذكر الله تعالى في القرآن فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس : ليس ذلك لك قد منع الله تعالى ذلك من هو خير منك فقال : لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث رجالا وقال : اذهبوا فادخلوا الكهف وانظروا فذهبوا فلما دخلوه بعث الله تعالى عليهم ريحا فأخرجتهم وقيل وكأن معاوية إنما لم يجر على مقتضى كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ظنا منه تغير حالهم عما كانوا عليه أو طلبا