ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال : قلت لرجل من أهل العلم زعموا أن كلبهم كان أسدا فقال : لعمر الله ما كان أسدا ولكنه كان كلبا أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال : له قطمورا وأبعد من هذا زعم من ذهب إلى أنه رجل طباخ لهم تبعهم أو أحدهم قعد عند الباب طليعة لهم نعم حكى أبو عمرو الزاهدي غلام ثعلب أنه قريء وكالبهم بهمزة مضمومة بدل الباء وألف بعد الكاف من كلأ إذا حفظ ولا يبعد فيه أن يراد الرجل الربيئة لكن ظاهر القراءة المتواترة يقتضي إرادة الكلب المعروف منه أيضا وإطلاق ذلك عليه لحفظ ما استحفظ عليه وحراسته إياه وقيل في هذه القراءة إنها تفسير أو تحريف وقرأ جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه وكالبهم بباء موحدة وزنة اسم الفاعل والمراد صاحب كلبهم كما تقول لابن وتامر أي صاحب لبن وتمر وجاء في شأن كلبهم أنه يدخل الجنة يوم القيامة فعن خالد بن معدان ليس في الجنة من الدواب إلا كلب أصحاب الكهف وحمار بلعم ورأيت في بعض الكتب أن ناقة صالح وكبش إسماعيل أيضا في الجنة ورأيت أيضا أن سائر الحيوانات المستحسنة في الدنيا كالظباء والطواويس وما ينتفع به المؤمن كالغنم تدخل الجنة على كيفية تليق بذلك المكان وتلك النشأة وليس فيما ذكر خبر يعول عليه فيما أعلم نعم في الجنة حيوانات مخلوقة فيها وفي خبر يفهم من كلام الترمذي صحته التصريح بالخيل منها والله تعالى أعلم .
وقد اشتهر القول بدخول هذا الكلب الجنة حتى أن بعض الشيعة يسمون أبناءهم بكلب علي ويؤمل من سمى بذلك النجاة بالقياس الأولوي على ما ذكر وينشد : فتية الكهف نجا كلبهم كيف لا ينجو غدا كلب علي ولعمري أن قبله علي كرم الله تعالى وجهه كلبا له نجا ولكن لا أظن يقبله لأنه عقور باسط ذراعيه مادهما والذراع من المرفق إلى رأس للأصبع الوسطى ونصب ذراعيه على أنه مفعول باسط وعمل مع أنه بمعنى الماضي واسم الفاعل لا يعمل إذا كان كذلك لأن المراد حكاية الحال الماضية وذهب الكسائي وهشام وأبو جعفر بن مضاء إلى جواز عمل اسم الفاعل كيفما كان فلا سؤال ولا جواب بالوصيد بموضع الباب ومحل العبور من الكهف وأنشدوا .
بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر وهو المراد بالفناء في التفسير المروي عن ابن عباس ومجاهد وعطية وقيل بالعتبة والمراد بها ما يحاذي ذلك من الأرض لا المتعارف فلا يقال إن الكهف لا باب له ولا عتبة على أنه لا ما نع من ذلك .
وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن جبير أن الوصيد الصعيد وليس بذاك وذكروا في حكمة كونه بالوصيد غير ثاو معهم أن الملائكة عليهم السلام لا تدخل بيتا فيه كلب وقد يقال : إن ذلك لكونه حارسا كما يشير إليه ما أخرجه ابن المنذر عن ابن جريج قال : باسط ذراعيه بالوصيد يمسك عليهم باب الكهف وكان فيما قيل يكسر أذنه اليمنى وينام عليها إذا قلبوا ذات اليمين ويكسر أذنه اليسرى وينام عليها إذا قلبوا ذات الشمال والظاهر أنه نام كما ناموا لكن أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي أنه جعل رزقه في لحس ذراعيه فإنه كالظاهر أنه لم يستغرق نومه كما استغرق نومهم لو اطلعت عليهم لو عاينتهم وشاهدتهم وأصل الاطلاع الوقوف على الشيء بالمعاينة والمشاهدة وقرأ ابن وثاب والأعمش لو اطلعت بضم الواو تشبيها لها بواو