أي تتنحى وأصله تتزاور بتاءين فحذف أحدهما تخفيفا وهي قراءة الكوفيين والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وخلف وابن سعدان وأبي عبيدة وأحمد بن جبير الأنطاكي ومحمد بن عيسى الأصبهاني وقرأ الحرميان وأبو عمرو تزاور بفتح التاء وتشديد الزاي وأصله أيضا تتزاور إلا أنه أدغمت التاء في الزاي بعد قلبها زايا وقرأ ابن إسحاق وابن عامر وقتادة وحميد ويعقوب عن العمري تزور كتحمر وهو من بناء الأفعال من غير العيوب والألوان وقد جاء ذلك نادرا وقرأ جابر والجحدري وأبو رجاء والسختياني وابن أبي عبلة ووردان عن أيوب تزوار كتحمار وهو في البناء كسابقه وقرأ ابن مسعود وأبو المتوكل تزوئر بهمزة قبل الراء المشددة كتطمئن ولعله إنما جيء بالهمزة فرارا من التقاء الساكنين وإن كان جائزا في مثل ذلك مما كان الأول حرف مد والثاني مدغما في مثله وكلها من الزور بفتحتين مع التخفيف وهو الميل وقيده بعضهم بالخلقى والأكثرون على الاطلاق ومنه الأزور المائل بعينه إلى ناحية ويكون في غير العين قال ابن أبي ربيعة : .
وجنبي خيفة القرم أزور .
وقال عنترة : فأزور من وقع القنا بلبانه وشكا إلي بعبرة وتحمحم وقال بشر بن أبي حازم : تؤم بها الحداة مياه نخل وفيها عن أبانين أزورار ومنه زاره إذا مال إليه والزور أي الكذب لميله عن الواقع وعدم مطابقته وكذا الزور بمعنى الصنم في قوله .
جاءوا بزوريهم وجئنا بالأصم .
وقال الراغب : إن الزور بتحريك الواو ميل في الزور بتسكينها وهو أعلى الصدر والأزور المائل الزور أي الصدر وزرت فلانا تلقيته بزوري أو قصدت زوره نحو وجهته أي قصدت وجهه والمشهور ما قدمناه وحكى عن أبي الحسن أنه قال : لا معنى لتزور في الآية لأن الأزوار الانقباض وهو طعن في قراءة ابن عامر ومن معه بما يوجب تغيير الكنية وبالجملة المراد إذا طلعت تروغ وتميل عن كهفهم الذي آووا إليه فالإضافة لأدنى ملابسة ذات اليمين أي جهة ذات يمين الكهف عند توجه الداخل إلى قعره أي جانبه الذي يلي المغرب أو جهة ذات يمين الفتية ومآله كسابقه وهو نصب على الظرفية قال المبرد : في المقتضب ذات اليمين وذات الشمال من الظروف المتصرفة كيمينا وشمالا .
وإذا غربت أي تراها عند غروبها تقرضهم أي تعدل عنهم قال الكسائي : يقال قرضت المكان إذا عدلت عنه ولم تقر به ذات الشمال أي جهة ذات شمال الكهف أي جانبه الذي يلي المشرق وقال غير واحد : هو من القرض بمعنى القطع تقول العرب : قرضت موضع كذا أي قطعته وقال ذو الرمة : إلى طعن يقرضن أقواز مشرف شمالا وعن إيمانهن الفوارس والمراد تتجاوزهم وهم في فجوة منه أي في متسع من الكهف وهي على ما قيل من الفجا وهو تباعد ما بين الفخذين يقال رجل أفجى وامرأة فجواء وتجمع على فجاء وفجا وفجوات وحاصل الجملتين أنهم كانوا لا تصيبهم الشمس أصلا فتؤذيهم وهم في وسط الكهف بحيث ينالهم روح الهواء ولا يؤذيهم