الله هو الأول لأن اللام للعهد ولا عهد لغير من سمعت أحصى أي ضبط فهو فعل ماض وفاعله ضمير أي واختار ذلك الفارسي والزمخشري وابن عطية وما في قوله تعالى : لما لبثوا مصدرية والجار والمجرور حال مقدم عن قوله تعالى : أمدا 21 وهو مفعول أحصى والأمد على ما قال الراغب : مدة لها حد والفرق بينه وبين الزمان أن الأمد يقال : باعتبار الغاية بخلاف الزمان فإنه عام في المبدأ والغاية ولذلك قال بعضهم : المدى والأمد يتقاربان وليس اسما للغاية حتى يكون إطلاقه على المدة مجازا كما أطلقت الغاية عليها في قولهم : ابتداء الغاية وانتهاؤها أي ليعلم أيهم أحصى مدة كائنة للبثهم والمراد من إحصائها ضبطها من حيث كميتها المنفصلة العارضة لها باعتبار قسمتها إلى السنين وبلوغها من تلك الحيثية إلى مراتب الإعداد كما يرشدك إليه كون المدة عبارة عما سبق من السنين وليس المراد ضبطها من حيث كميتها المتصلة الذاتية فإنه لا يسمى إحصاء وقيل إطلاق الأمد على المدة مجاز وحقيقته غاية المدة .
ويجوز إرادة ذلك بتقدير المضاف أي لنعلم أيهم ضبط غاية لزمان لبثهم وبدونه أيضا فإن اللبث عبارة عن الكون المستمر المنطبق على الزمان المذكور فباعتبار الامتداد العارض له بسببه يكون له أمد وغاية لا محالة لكن ليس المراد ما يقع غاية ومنتهى لذلك الكون المستمر باعتبار كميته لاالمتصلة العارضة له بسبب انطباقه على الزمان الممتد بالذات وهو آن انبعاثهم من نومهم فإن معرفته من تلك الحيثية لا تخفى على أحد ولا تسمى إحصاء أيضا بل باعتبار كميته المنفصلة العارضة له بسبب عروضها لزمانه المنطبق هو عليه باعتبار انقسامه إلى السنين ووصوله إلى مرتبة معينة من مراتب العدد والفرق بين هذا وما سبق أن ما تعلق به الإحصاء في الصورة السابقة نفس المدة المنقمسة إلى السنين فهو مجموع ثلثمائة وتسع سنين وفي الصورة الأخيرة منتهى تلك المدة المنقسمة إليها أعني التاسعة بعد الثلثمائة وتعلق الإحصاء بالأمد بالمعنى الأول ظاهر وأما تعلقه به بالمعنى الثاني فباعتبار انتظامه لما تحته من مراتب العدد واشتماله عليها انتهى .
وأنت تعلم ظاهر كلام الراغب وهو هو في اللغة يقتضي أن الأمد حقيقة في المدة وأنه في الغاية مجاز وأن توجيه إرادة الغاية هنا بما ذكر تكلف لا يحتاج إليه على تقدير كون ما مصدرية نعم يحتاج إليه على تقدير جعلها موصولة حذف عائدها من الصلة أي لنعلم أيهم أحصى أمدا كائنا للذي لبثوه أي لبثو فيه من الزمان وقيل ما لبثوا في موضع المفعول له وجيء بلام التعليل لكونه غير مصدر صريح وغير مقارن أيضا وليس بذاك وقيل اللام مزيدة وما موصولة وهي المفعول به وعائدها محذوف أي أحصى الذي لبثوه والمراد الزمان الذي لبثوا فيه و أمدا على هذا تمييز للنسبة مفسر لما في نسبة المفعول من الإبهام محول عن المفعول وأصله أحصى أمد الزمان الذي لبثوا فيه وزعم أنه لا يصح أن يكون تمييزا للنسبة لأنه لابد أن يكون محولا عن الفاعل ولا يمكن ذلك هنا ليس بشيء لأن اللابدية في حيز المنع والذي تحقق في المعتبرات كشروح التسهيل وغيرها أنه يكون محولا عن المفعول كفجرنا الأرض عيونا كما يكون محولا عن الفاعل كتصبب زيد عرقا ولو جعل تمييزا لما كان تمييزا لمفرد ولم يقل أحد باشتراط التحويل فيه أصلا .
وجوز في ما على هذا التقدير أن تكون مصدرية وهو بعيد وضعف القول بزيادة اللام هنا بأنها لا تزاد في مثل ذلك