والمراد أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات بأن يجعل الضرب على الآذان كناية عن الإنامة الثقيلة وإنما صلح كناية لأن الصوت والتنبيه طريق من طرق إزالة النوم فسد طريقه يدل على استحكامه وأما الضرب على العين وإن كان تعلقه بها أشد فلا يصلح كناية إذ ليس المبصرات من طرق إزالته حتى يكون سد الأبصار كناية ولو صلح كناية فعن ابتداء النوم لا النومة الثقيلة .
واعترض القطب جعله كناية عما ذكر بما لا يخفى رده وخرج الآية على الإستعارة المكنية بأن يقال شبه الإنامة الثقيلة بضرب الحجاب على الآذان ثم ذكر ضربنا وأريد أنمنا وهو وجه فيها وجوز أن تكون من باب الإستعارة التمثيلية واختاره بعض المحققين .
ومن الناس من حمل الضرب على الآذان على تعطيلها كما في قولهم ضرب الأمير على يد الرعية أي منعهم عن التصرف وتعقب بأنه مع عدم ملاءمته لما سيأتي إن شاء الله تعالى من البعث لا يدل على إرادة النوم مع أنه المراد قطعا وأجيب بأنه يمكن أن يكون مراد الحامل التوصل بذلك إلى إرادة الإنامة فافهم .
والضرب إما من ضربت القفل على الباب أو من ضربت الخباء على ساكنه والفاء هنا مثلها في قوله تعالى فاستجبنا له بعد قوله سبحانه إذ نادى فإن الضرب المذكور وما يترتب عليه من التقليب ذات اليمين وذات الشمال والبعث وغير ذلك من ءاثار استجابة دعائهم السابق في الكهف ظرف لضربنا وكذا قوله D : سنين ولا ما نع من ذلك لا سيما وقد تغايدا بالمكانية والزمانية عددا 11 أي ذوات عدد على أنه مصدر وصف بالتأويل الشائع وقيل إنه صفة بمعنى معدودة وقيل إنه مصدر لفعل مقدر أي تعد عددا والعدد على ما قال الراغب وغيره قد يراد به التكثير لأن القليل لا يحتاج إلى العد غالبا وقد يذكر للتقليل في مقابلة ما لا يحصى كثرة كما يقال بغير حساب وهو هنا يحتمل الوجهين والأول هو الأنسب بإظهار كمال القدرة والثاني هو الأليق بمقام إنكار كون القصة عجبا من بين سائر الآيات العجيبة فإن مدة لبثهم وإن كثرت في نفسها فهي كبعض يوم عند الله D .
وفي الكشف أن الكثرة تناسب نظرا إلى المخاطبين والقلة تناسب نظرا إلى المخاطب ا ه وقد خفي على العز بن عبد السلام أمر هذا الوصف وظن أنه لا يكون للتكثير وأن التقليل لا يمكن ههنا وهو غريب من جلالة قدره وله في أماليه أمثال ذلك وللعلامة ابن حجر في ذلك كلام ذكره في الفتاوى الحديثية لا أظنه شيئا .
ثم بعثناهم أي أيقظناهم وأثرناهم من نومهم لنعلم أي الحزبين أي منهم وهم القائلون ولبثنا يوما أو بعض يوم والقائلون : ربكم أعلم بما لبثتم وقيل أحد الحزبين الفتية الذين ظنوا قلة زمان لبثهم والثاني أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم وكان عندهم تاريخ غيبتهم وزعم ابن عطية أن هذا قول جمهور المفسرين وعن ابن عباس أن أحد الحزبين الفتية والآخر الملوك الذين تداولوا ملك المدينة واحد بعد واحد وعن مجاهد : الحزبان قوم أهل الكهف حزب منهم مؤمنون وحزب كافرون وقال الفراء : الحزبان مؤمنان كانوا في زمنهم واختلفوا في مدة لبثهم وقال السدي : الحزبان كافران والمراد بهما اليهود والنصارى الذين علموا قريشا سؤال رسول الله عن أهل الكهف وقال ابن حرب : الحزبان الله سبحانه وتعالى والخلق كقوله تعالى : أأنتم أعلم أم