موضع المضاف أو وصفا لذلك بالمصدر مبالغة وهو خبر لكانوا و من آياتنا حال منه كما هو قاعدة نعت النكرة إذا تقدم عليها وجوز أبو البقاءأن يكون عجبا ومن آياتنا خبرين وإن يكون عجبا حالا من الضمير في الجار والمجرور وليس بذاك والمعنى أن قصتهم وإن كانت خارقة للعادة ليست بعجيبة بالنسبة إلى سائر الآيات التي من جملتها ما تقدم ومن هنا يعلم وجه الربط وفي الكشف أنه تعالى ذكر من الآيات الكلية وإن كان لتسليته وأنه لا ينبغي أن يبخع نفسه على آثارهم فالمسترشد يكفيه أدنى إشارة والزائغ لا تجدي فيه آيات النذارة والبشارة ما يشتمل على أمهات العجائب وعقبه سبحانه بقوله أم حسبت الخ يعني أن ذلك أعظم من هذا فمن لا يتعجب من ذلك لا ينبغي أن يتعجب من هذا وأريد من الخطاب غيره لأنه كان يعرف من قدرته تعالى ما لا يتعاظمه لا الأول ولا الثاني فأنكر اختلافهم في حالهم تعجبا وإضرابهم عن مثل تلك الآيات والاعتراض عليه بأن الإضراب عن الكلام الأول إنما يحسن إذا كان الثاني أغرب ليحصل الترقي وإيثار أن الهمزة للتقرير وهو قول آخر في الآية لذلك غير قادح لأن تعجبهم عن هذا دون الأول هو المنكر وهو الأغرب فافهم وبأن المنكر ينبغي أن يكون مقررا عند السامع معلوما عنده وهذا ابتداء إعلام منه تعالى على ما يعرف من سبب النزول من كذلك لأن الإنكار من تعجبهم ويكفي في ذلك معرفتها إجمالا وكانت حاصلة كيف وقد علمت أنه راجع إلى الغير أعني أصحاب الكتاب الذين أمروا قريشا بالسؤال وكانوا عالمين ثم أنه مشترك الإلزام لأن التقرير أيضا يقتضي العلم بل أولى انتهى وقال الطبري : المراد إنكار ذلك الحسبان عليه E على معنى لا يعظم ذلك عندك بحسب ما عظمه عليك السائلون من الكفرة فإن سائر آيات الله تعالى أعظم من قصتهم وزعم أن هذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن إسحق وفي القلب منه شيء وقيل : المراد من الاستفهام إثبات أهم عجب كأنه قيل أعلم أنهم عجب كما تقول أعلمت أن فلان فعل كذا أي قد فعل فاعلمه .
والمقصود بالخطاب رسول الله أيضا وليس بشيء وزعم الطيبي أن الوجه إن يجري الكلام على التسلي والاستفهام على التنبيه ويقال : إنه E لما أخذه من الكآبة والأسف من إباء القوم عن الإيمان ما أخذه قيل له ما قيل وعلل بقوله تعالى إنا جعلنا الخ على معنى إنا جعلنا ذلك لنختبرهم وحين لم تتعلق إرادتنا بإيمانهم تشاغلوا به عن آياتنا وشغلوا عن الشكر وبدلوا الإيمان بالكفران فلم نبال بهم وإنا لجاعلون أبدانهم جزرا لأسيافكم كما إنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ألا ترى إلى أولئك الفتيان كيف اهتدوا وفروا إلى الله تعالى وتركوا زينة الدنيا وزخرفها فأووا إلى الكهف قائلين ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا وكما تعلقت الإرادة بإرشادهم فاهتدوا تتعلق بإرشاد قومهم من أمتك يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ا ه ويكاد يكون أعجب من قصة أهل الكهف فتأمل والحسبان إما بمعنى الظن أو بمعنى العلم وقد استعمل بالمعنيين والكهف النقب المتسع في الجبل فإن لم يكن واسعا فهو غار وأخرج ابن أبي حاتم أنه غار الوادي وعن مجاهد أنه فرجة بين الجبلين وعن انس هو الجبل وهو غير مشهور في اللغة والرقيم إسم كلبهم على ما روي عن أنس والشعبي وجاء في رواية عن ابن جبير ويدل عليه قول أميه بن أبي الصلت : وليس بها إلا الرقيم مجاورا وصيدهمو والقوم في الكهف هجدا