المنذر وغيرهما عن عبد الأعلى التيمي أنه قال : إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه لأن الله تعالى نعت أهل العلم فقال ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم أي القرآن بسماعهم خشوعا 901 لما يزيدهم علما ويقينا بأمر الله تعالى على ما حصل عندهم من الأدلة .
م قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : صلى بمكة ذات يوم فدعا الله تعالى فقال في دعائه : يا الله يا رحمن فقال المشركون : انظروا إلى هذا الصابيء ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فنزلت وعن الضحاك أنه قال : قال أهل الكتاب للرسول : إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثر الله تعالى في التوراة هذا الإسم فنزلت والمراد على الأول التسوية بين اللفظين بأنهما عبارتان عن ذات واحد وإن اختلف الإعتبار والتوحيد إنما هو للذات الذي هو المعبود وهو يلائم قوله تعالى فيما بعد وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وعلى الثاني التسوية في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود فإن أهل الكتاب فهموا أحسنية الرحمن لكونه أحب إليه تعالى إذ أكثر ذكره في كتابهم وكأن حكمة ذلك أن موسى عليه السلام كان غضوبا كما دلت عليه الآثار فأكثر له من ذكر الرحمن ليعامل أمته بمزيد الرحمة لأن الأنبياء عليهم السلام يتخلقون بأخلاق الله تعالى قال القاضي البيضاوي : وهذا أوجب لقوله تبارك اسمه أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى لأن توصيف الأسماء بالحسنى يفهم منه أن المقول لهم ذلك يظنون أحسنية اسم من اسم لا التغاير وقال صاحب الكشف : الغرض على الوجهين التسوية بين اللفظين في الحسن والإختلاف إنما هو بأن الإستواء في الحسن رد لمن قال : إنك لتقل إلخ بأن الاتيان بأحد الحسنين كاف أو لمن قال : ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو بأن الإختلاف بين اللفظين الدالين على كماله تعالى لا بين كاملين فالأجوبية ممنوعة انتهى .
وتعقب بأن أنسبية التوصيف بالحسنى للثاني ظاهرة مما لا تكاد تنكر ووجه الطيبي الأجوبية بأن اعتراض اليهود كان تعبيرا للمسلمين على ترجيح أحد الإسمين على الآخر واعتراض المشركين كان تعبيرا على الجمع بين اللفظين وقوله تعالى : أيا ما تدعوا يطابق الرد على اليهود لأن المعنى أي اسم من الإسمين دعوتموه فهو حسن وهو لا ينطبق على اعتراضه المشركين ثم قال : هذا مسلم إذا كان أو للتخيير ويجوز أن تكون للإباحة والإنطباق حينئذ ظاهر فإن المشركين حظروا الجمع بين الإسمين فيكون ردهم بإباحة الجمع بين الأسماء المتكاثرة فضلا عن الجمع بين الإسمين على أن الجواب بالتخيير في الرد على أهل الكتاب غير مطابق لأنهم اعترضوا بالترجيح وأجيب بالتسوية لأن أو تقتضيها وكان الجواب العتيد أن يقال : إنما رجحنا الله على الرحمن في الذكر لأنه جامع لجميع صفات الكمال بخلاف الرحمن وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى تتمة الكلام فيما يتعلق بهذا .
ومنع الأجوبية أيضا الجلبي بأن تقديم الخبر في قوله تعالى : فله الأسماء الحسنى يقتضي أجوبية الأول إذ معناه هذه الأسماء لله تعالى لا لغيره كما زعم المشركون إلا أن يقال أو للتخيير وهو غير مسلم بل يتعين كونها للإباحة لأنها كما قال الرضي وغيره يجوز الجمع فيها بين المتعاطفين والإقتصار على أحدهما وفي التخيير لا يجوز الجمع وهو هنا جائز ودفع بأن المعنى لله تعالى أسماء متفقة في الحسن لأنها لا تختلف مدلولاتها بالذات بخلاف غيره سبحانه فإن أسماءه تختلف فالقصر إذا كان بأن لم يكن التقديم لمجرد التشويق ناظر إلى الوصف لا للأسماء وهذا