الحصر وليس كذلك وإنما هو بمعنى متعلق خاص ولو سلم فمعنى الاختصاص بالذقن الاختصاص بجهته ومحاذيه وهي جهة السفل ولا شك في اختصاصه به إذ هو لا يكون لغيره فمعنى يخرون للأذقان يقعون على الأرض عند التحقيق والمراد تصوير تلك الحالة كما في قوله .
فخر صريعا لليدين وللفم .
فتأمل .
واختار بعضهم كون اللام بمعنى على وزعم بعض عود ضميري به وقبله عن النبي ويأباه السباق واللحاق وأخرج ابن المنذر وابن جرير أن ضمير يتلى لكتابهم ولا يخفى حاله والظاهر أن الجملة الإسمية داخلة في حيز قل وهي تعليل لما يفهم من قوله تعالى : ءامنوا به أو لا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك أي إن لم تؤمنوا به فقد ءامن به أحسن إيمان من هو خير منكم ويجوز أن لا تكون داخلة في حيز قبل بل هي تعليل له على سبيل التسلية لرسول الله كأنه قيل تسل بإيمان العلماء عن إيمان الجهلة ولا تكترث بإيمانهم وأغراضهم وقد ذكر كلا الوجهين الكشاف قال في الكشف والحاصل أن المقصود التسلي والازدراء وعدم المبالاة المفيد للتوبيخ والتقريع مفرع عليه مدمج أو بالعكس والصيغة في الثاني أظهر والتعليل بقوله سبحانه إن الذين أوتوا العلم في الأول .
وقال ابن عطية يتوجه في الآية معنى آخر وهو أن قوله سبحانه قل ءامنوا به أو لا تؤمنوا إنما جاء للوعيد والمعنى افعلوا أي الأمرين شئتم فسترون ما تجازون به ثم ضرب لهم المثل على جهة التقريع بمن تقدم من أهل الكتاب أي أن الناس لم يكونوا كما أنتم في الكفر بل كان الذين أوتوا التوراة والإنجيل والزبور والكتب المنزلة إذا يتلى عليهم ما أنزل عليهم خشعوا وآمنوا ا ه وهو بعيد جدا ولا يخلو عن ارتكاب مجتر .
وربما يكون في الكلام عليه استخدام ويقولون أي في سجودهم أو مطلقا سبحان ربنا عن خلف وعده أو عما يفعل الكفرة من التكذيب إن كان وعد ربنا لمفعولا 801 إن مخففة من المثقلة واسمها ضمير شأن واللام فارقة أي إن الشأن هذا ويخرون للأذقان يبكون كرر الخرور للأذقان لاختلاف السبب فإن الأول لتعظيم أمر الله تعالى أو الشكر لإنجاز الوعد والثاني لما أثر فيهم من مواعظ القرآن والجار والمجرور إما متعلق بما عنده أو بمحذوف وقع حالا مما قبل أو مما بعد أي ساجدين وجملة يبكون حال أيضا أي باكين من خشية الله تعالى ولما كان البكاء ناشئا من الخشية الناشئة من التفكر الذي يتجدد جيء بالجملة الفعلية المفيدة للتجدد وقد جاء مدح البكاء من خشيته تعالى أخبار كثيرة فقد أخرج الترمذي عن النضر بن سعد قال : قال رسول الله لو أن عبدا بكى في أمة لأنجى الله تعالى تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفيء بحورا من النار وما أغرورقت عين بمائها من خشية الله تعالى إلا حرم الله تعالى جسدها على النار فإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة وأخرج أيضا عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله يقول : عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله تعالى وعين باتت تحرس في سبيل الله تعالى وأخرج هو والنسائي ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع ولا اجتمع على عبد غبار في سبيل الله تعالى ودخان جهنم زاد النسائي في منخريه ومسلم أبدا وينبغي أن يكون ذلك حال العلماء فقد أخرج ابن جرير وابن