وأرادوا كما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس عيانا وهذا كقولهم لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا وفي رواية أخرى عن الحبر والضحاك تفسير القبيل بالكفيل أي كفيلا بما تدعيه يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته وضامنا يضمن ما يترتب عليه وهو على الوجهين حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالة الحال المذكورة عليها أي قبلاء كما حذف الخبر في قوله : ومن يك أمسى في المدينة رحله فإني وقيار بها لغريب وذكر الطبرسي عن الزجاج أنه فسر قبيلا بمقابلة ومعاينة وقال إن العرب تجريه في هذا المعنى مجرى لمصدر فلا يثني ولا يجمع ولا يؤنث فلا تغفل وعن مجاهد القبيل الجماعة كالقبيلة فيكون حالا من الملائكة وفي الكشف جعله حالا من الملائكة لقرب اللفظ وسداد المعنى لأن المعنى تأتي بالله تعالى وجماعة من الملائكة لا تأتي بهما جماعة ليكون حالا على الجمع إذ لا يراد معنى المعية معه تعالى ألا ترى إلى قوله سبحانه حكاية عنهم أونرى ربنا والقرآن يفسر بعضه بعضا انتهى وقرأ الأعرج قبلا من المقابلة وهذا يؤيد التفسير الأول .
أو يكون لك بيت من زخرف من ذهب كما روي عن ابن عباس وقتادة وغيرهما وأصله الزينة وإطلاقه على الذهب لأن الزينة به أرغب وأعجب وقرأ عبد الله من ذهب وجعل ذلك في البحر تفسيرا لا قراءة لمخالفته سواد المصحف أو ترقى في السماء أي تصعد في معارجها فحذف المضاف يقال رقي في السلم والدرجة والظاهر أن السماء هنا المظلمة وقيل : المراد المكان العالي وكل ما ارتفع وعلا يسمى سماء قال الشاعر : وقد يسمى سماء كل مرتفع وإنما الفضل حيث الشمس والقمر ولن نؤمن لرقيك أي لأجل رقيك فيها وحده أو لن نصدق رقيك فيها حتى تنزل منها علينا كتابا نقرؤه بلغتنا عن أسلوب كلامنا وفيه تصديقك قل تعجبا من شدة شكيمتهم وفرط حماقتهم سبحان ربي أو قل ذلك تنزيها لساحة الجلال عما لا يكاد يليق بها من مثل هذه الإقتراحات التي تضمنت ما هو من أعظم المستحيلات كإتيان الله تعالى على الوجه الذي اقترحوه أو عن طلب ذلك وفيه تنبيه على بطلان ما قالوا .
وقرأ ابن كثير وابن عامر قال سبحان ربي أي قال النبي : هل كنت إلا بشرا رسولا 39 كسائر الرسل عليهم السلام وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله تعالى على أيديهم حسبما تقتضيه الحكمة من غير تفويض إليهم فيه ولا تحكم منهم عليه سبحانه و بشرا خبر كان و رسولا صفته وهو معتمد الكلام وكونه بشرا توطئة لذلك ردا لما أنكروه من جواز كون الرسول بشرا ودلالة على أن الرسل عليهم السلام من قبل كانوا كذلك ولهذا قال الزمخشري هل كنت إلا رسولا كسائر الرسل بشرا مثلهم وزعم بعض أن ذكر بشرا ليس للتوطئة فإن طلب القوم منه E ما طلبوه يحتمل أن يكون طلب أن يأتي به بقدرة نفسه ويحتمل أن يكون طلب أن يأتي به بقدرة الله تعالى فذكر بشرا لنفي أن يأتي بذلك بقدرة نفسه كأنه قال : هل كنت إلا بشرا والبشر لا قدرة له على الإتيان بذلك وذكر رسولا لنفي أن يأتي به بقدرة الله تعالى كأنه قيل هل كنت إلا رسولا والرسول لا يتحكم على ربه سبحانه