لبعض ظهيرا ولو كان الخ وهي في موضع الحال كالجملة المحذوفة والمعنى لا يأتون بمثله على كل حال مفروض ولو في مثل هذه الحال المنافية لعدم الإتيان به فضلا عن غيرها وفيه رد لليهود أو قريش في زعمهم الإتيان بمثله فقد روي أن طائفة من الأولين قالوا أخبرنا يا محمد بهذا الحق الذي جئت به أحق من عند الله تعالى فإنا لا نراه متناسقا كتناسق التوراة فقال لهم : أما والله إنكم لتعرفونه أنه من عند الله تعالى قالو : إنا نجيئك بمثل ما تأتي به فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وفي رواية أن جماعة من قريش قالوا له : جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن فإنا نحن نقدر على المجيء بمثله فنزلت ولعل مرادهم بهذه الآية الغريبة ما تضمنه الآيات بعد وهي قوله تعالى : وقالوا لن نؤمن لك الخ وحينئذ قيل يمكن أن تكون هذه الآية مع الآيات الآخر رد لجميع ما عنوه بهذا الكلام إلا إنه ابتدأ برد قولهم : نحن نقدر الخ اهتماما به فإن قولهم ذلك منشأ طلبهم الآية الغريبة .
وفي إرشاد العقل السليم أن في هذه الآية حسم أطماعهم الفارغة في روم تبديل بعض آياته ببعض ولا مساغ لكونها تقريرا لما قبلها من قوله تعالى : ثم لا تجد لك به علينا وكيلا كما قيل لكن لا لما قيل من أن الإتيان بمثله أصعب من استرداد عينه ونفي الشيء إنما يقرره نفي ما دونه دون نفي ما فوقه لأن أصعبية الاسترداد بغير أمره تعالى من الإتيان المذكور مما لا شبهة فيه بل لأن الجملة القسمية ليست مسوقة إلى النبي بل إلى المكابرين من قبله E انتهى ومنه يعلم ما في قول بعضهم في وجه التقرير : أن عدم قدرة الثقلين على رده بعد إذهابه مساو لعدم قدرتهم على مثله لأن رده بعينه غير ممكن لعدم وصولهم إلى الله تعالى شأنه فلم يبق إلا رده بمثله فصرح بنفيه تقريرا له من النظر وعدم الجدوى هذا واستدل صاحب الكشاف بإعجاز القرآن على حدوثه إذ لو كان قديما لم يكن مقدورا فلا يكون معجزا كالمحال وتعقبه في الكشف بأنه لا نزاع في حدوث النظم وإن تحاشى أهل السنة من إطلاق المخلوق عليه للإيهام وهو المعجز إنما النزاع في المعبر بهذه العبارة المعجزة وهو المسمى بالكلام النفسي فهو استدلال لا ينفعه وذكر نحوه ابن المنير .
وقال صاحب التقريب : الجواب منع الملازمة إذ مصحح المقدورية الإمكان وهو حاصل لا الحدوث وأيضا المعجز لفظه ولا يقال بقدمه والقديم كلام النفس ولا يقال بإعجازه وأيضا سلمنا أن التقديم لا يقدر البشر على عينه لكن لم لا يقدر على مثله واختار العلامة الطيبي هذا الأخير في الجواب وقد ذكرنا في المقدمات من الكلام ما ينفعك في هذا المقام فتدبر والله تعالى ولي الإنعام ومسدد الإفهام .
ولقد صرفنا كررنا ورددنا على أساليب مختلفة توجب زيادة تقرير ورسوخ للناس أهل مكة وغيرهم كما هو الظاهر في هذا القرآن المنعوت لما ذكر من النعوت الفاضلة من كل مثل من كل معنى بديع هو في الحسن والغرابة واستجلاب النفوس كالمثل ومفعول صرفنا على ما استظهره أبو حيان محذوف أي البيان وقدره البينات والعبر ومن الإبتداء الغاية وجوز ابن عطية أن تكون سيف خطيب فكل هو المفعول وهذا مبني على مذهب الكوفيين والأخفش لأنهم يجوزون زيادة من في الإيجاب دون جمهور البصريين .
وقرأ الحسن صرفنا بتخفيف الراء وقراءة الجمهور أبلغ وأيا ما كان فالمراد فعلنا ذلك للناس ليذعنوا ويتلقوه بالقبول فأبى أكثر الناس إلا كفورا 98 أي جحودا وفسر به لثبوت الصدق بأصل