بالتعليق بعد نزول البلاء وجاء الفرج والبرء كالرقى التي وردت السنة بها من العين وأما قبل النزول ففيه بأس وهو غريب وعند ابن المسيب يجوز تعليق العوذة من كتاب الله تعالى في قصبة ونحوها وتوضع عند الجماع وعند الغائط ولم يقيد بقبل أو بعد ورخص الباقر في العوذة تعلق على الصبيان مطلقا وكان ابن سيرين لا يرى بأسا بالشيء من القرآن يعلقه الانسان كبيرا أو صغيرا مطلقا وهو الذي عليه الناس قديما وحديثا في سائر الأمصار لكن توجيه التبعيض بما ذكر لا يساعده قوله سبحانه : ولا يزيد الظالمين إلا خسارا 28 أي لا يزيد القرآن كله أو كل بعض منه الكافرين المكذبين به الواضعين للأشياء في غير موضعها مع كونه في نفسه شفاء لما في الصدور من أدواء الريب وإسقام الأوهام إلا خسارا أي هلاكا بكفرهم وتكذيبهم وزيادتهم من حيث أنهم كلما جددوا الكفر والتكذيب بالآية النازلة تدريجا ازدادوا بذلك هلاكا وفسر بعضهم الخسار بالنقصان المنبيء عن حصول بعض مباديء الاسلام فيهم وفيه كما قال إيماء إلا أن ما بالمؤمنين من السبه والشكوك المعترية لهم في أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك وإسناد الزيادة المذكورة إلى القرآن مع أنهم المزدادون في ذلك لسوء صنيعهم باعتبار كونه سببا لذلك وفيه تعجيب من أمره من حيث كونه مدارا للشفاء والهلاك كما صار في الأصداف درا وفي ثغر الأفاعي صار سما وهذا ربما يقال : إن انقسام القرآن إلى ما هو شفاء من أدواء الريب إنما هو الأدلة كالآيات الدالة على بطلان الشرك وثبوت الوحدانية له تعالى وكالآيات الدالة على إمكان الحشر الجسماني وليس كل آيات القرآن كذلك فإن منه ما هو أمر بصلاة وصوم وزكاة ومنه ما هو نهي عن قتل وزنى وسرقة ونحو ذلك وهو لا يشفى به أدواء الريب وإسقام الوهم وكذا آيات القصص نعم فيما ذكر نفع غير الشفاء من تلك الأدواء فهو رحمة وحينئذ يقال في الآية حذف أي ننزل من القرآن ما هو شفاء وما هو رحمة على معنى ننزل من القرآن آيات هي شفاء وآيات هي رحمة .
وفيه إن الريب غير مختص فيما يتعلق بالله D وبإمكان الحشر بل يكون أيضا في الرسالة وصدقه في دعواها وما من آية في القرآن إلا وهي مستقلة أو لها دخل في الشفاء من ذلك الداء لما فيها من الإعجاز وكذا ما من آية إلا وفيها نفع من جهة أخرى فكل آية رحمة كما أن كلها شفاء لكن كونه رحمة بالنسبة إلى كل واحد واحد من المؤمنين إذ كل مؤمن ينتفع به نوعا من الانتفاع وكونه شفاء بالفعل بالنسبة إلى من عرض له شيء من أدواء الريب وإسقام الوهم وليس كل المؤمنين كذلك والقول بأن كلا كذلك في أول الأيمان غير مسلم ولا يحتاج إليه كما لا يخفى .
موالإمام عمم شفائيته وقد أحسن فقال : هو شفاء للأمراض الروحانية وهي نوعان اعتقادات باطلة وأخلاق مذمومة فلاشتماله على الدلائل الحقة الكاشفة عن المذاهب الباطلة في الإلهيات والنبوات والمعاد والقضاء والقدر المبينة لبطلانها يشفي عن النوع الأول من الأمراض ولاشتماله على تفاصيل الأخلاق المذمومة وتعريف