إن الباطل كائنا ما كان كان زهوقا 18 مضمحلا غير ثابت الآن أو فيما بعد أو مطلقا لكونه كان لم يكن وصيغة فعول للمبالغة .
أخرج الشيخان وجماعة عن ابن مسعود قال : دخل النبي مكة وحول البيت ستون وثلثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبديء الباطل وما يعيد وفي رواية الطبراني في الصغير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه جاء ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخر لوجهه فيقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا حتى مر عليها كلها .
وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين أي ما هو في تقديم دينهم واستصلاح نفوسهم كالدواءالشافي للمرض و من للبيان وقدم اهتماما بشأنه وأنكر أبو حيان جواز التقديم واختار هنا كون من لابتداء الغاية وهو إنكار غير مسموع فيفيد أن كل القرآن كذلك وفي الخبر من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله تعالى أو للتبعيض ومعناه على ما في الكشف وننزل ما هو شفاء أي تدرج في نزوله شفاء فشفاء وليس معناه أنه منقسم إلى ما هو شفاء وليس بشفاء والمنزل الأول كما وهم الحوفي فأنكر جواز إرادة التبعيض وإنما المعنى أن مالم ينزل بعد ليس بشفاء للمؤمنين لعدم الإطلاع وأن كل ما ينزل فهو شفاء لداء خاص يتجدد نزول الشفاء كفاء تجدد الداء .
وفيه أيضا أن هذا الوجه أوفق لمقتضى المقام ولا يخفى عليك بعده ولذا اختير في توجيه التبعيض أنه باعتبار الشفاء الجسماني وهو من خواص بعض دون بعض ومن البعض الأول الفاتحة وفيها آثار مشهورة وآيات الشفاء وهي ست ويشف صدور قوم مؤمنين شفاء لما في الصدور فيه شفاء للناس وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وإذا مرضت فهو يشفين قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء .
قال السبكي : وقد جربت كثيرا وعن القشيري أنه مرض له ولد أيس من حياته فرأى الله تعالى في منامه فشكى له سبحانه ذلك فقال له : اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه أو اكتبها في إناء واسقه فيه ما محيت به ففعل فشفاه الله تعالى والأطباء معترفون بأن من الأمور والرقي ما يشفى بخاصية روحانية كما فصله الأندلسي في مفرداته وكذا داود في الجلد الثاني من تذكرته ومن ينكر لا يعبأ به نعم اختلف العلماء في جواز نحو ما صنعه القشيري عن الرؤيا وهو نوع من النشرة وعرفوها بأنها أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه فمنع ذلك الحسن والنخعي ومجاهد وروى أبو داود من حديث جابر أن النبي سئل عن النشرة فقال : هي من عمل الشيطان .
وأجاز ذلك ابن المسيب والنشرة التي قال فيها ما قال هي النشرة التي كانت تفعل في الجاهلية وهي أنواع منها ما يفعله أهل التعزيم في غالب الأعصار من قراءة أشياءغير معلومة المعنى ولم تثبت في السنة أو كتابتها وتعليقها أو سقيها وقال مالك : لا بأس بتعليق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى على أعناق المرضى على وجه التبرك بها إذا لم يرد معلقها بذلك مدافعة العين وعنى بذلك أنه لا بأس