وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن الإدخال في القبر والإخراج وأيد بذكره بعد البعث وقيل إدخال مكة ظاهرا عليها بالفتح وإخراجه منها آمنا من المشركين وقيل إخراجه من المدينة وإدخال مكة بالفتح وقال محمد بن المنكدر : إدخاله الغار وإخراجه منه وقيل الإدخال في الجنة والإخراج من مكة وقيل الإدخال في الصلاة والإخراج منها وقيل الإدخال في المأمورات والإخراج عن المنهيات وقيل الإدخال فيما حمله من أعباء النبوة وأداء الشرع وإخراجه منه مؤيدا لما كلفه من غير تفريط وقيل الإدخال في بحار التوحيد والتنزيه والإخراج من الاشتغال بالدليل إلى معرفة المدلول والتأمل في الآثار إلى الاستغراق في معرفة الواحد القهار وقيل وقيل والأظهر أن المراد إدخاله E في كل ما يدخل فيه ويلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه فيكون عاما في جميع الموارد والمصادر واستظهر ذلك أبو حيان وفي الكشف أنه الوجه الموافق لظاهر اللفظ والمطابق لمقتضى النظم فسابقه ولاحقه لا يختصان بمان دون آخر وكفاك قوله تعالى واجعل لي إلخ شاهد صدق على إيثاره .
وقرأ قتادة وأبو حيوة وحميد وإبراهيم بن أبي عبلة مدخل ومخرج بفتح الميم فيهما قال صاحب اللوامح : وهما مصدران من دخل وخرج لكنهما جاءا من معنى أدخلني وأخرجني السابقين دون لفظهما ومثل ذلك أنبتكم من الأرض نباتا ويجوز أن يكون اسمي مكان وانتصابهما على الظرفية وقال غيره من المحققين : هما مصدران منصوبان على تقدير فعلين ثلاثيين إذ مصدر المزيدين مضموم الميم كما في القراءة المتواترة أي أدخلني فأدخل مدخل صدق وأخرجني فأخرج مخرج صدق .
واجعل لي من لدنك سلطانل نصيرا 08 أي حجة تنصرني على من خالفني وهو مراد مجاهد بقوله حجة بينة وفي رواية أخرى عنه أنه كتاب يحوي الحدود والأحكام وعن الحسن أنه أريد التسلط على الكافرين في السيف وعلى المنافقين بإقامة الحدود وقريب ما قيل أن المراد قهرا وعزا تنصر به الإسلام على غيره .
وزعم بعضهم أنه فتح مكة وقيل السلطان أحد السلاطين الملوك فكأن المراد الدعاء بأن يكون في كل عصر ملك ينصر دين الله تعالى قيل وهو ظاهر ما أخرجه البيهقي في الدلائل والحاكم وصححه عن قتادة قال : أخرجه الله تعالى من مكة مخرج صدق وأدخله المدينة مدخل صدق وعلم نبي الله أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل سلطان نصيرا لكتاب الله تعالى وحدوده وفرائضه فإن السلطان عزة من الله D جعلها بين أظهر عباده لولا ذلك لأغار بعضهم على بعض وأكل شديدهم ضعيفهم وفيه نظر وفعيل على سائر الأوجه مبالغة في فاعل .
وجوز أن يكون في بعضها بمعنى مفعول والحق أن المراد من السلطان كل ما يفيده الغلبة على أعداء الله تعالى وظهور دينه جل شأنه ووصفه بنصيرا للمبالغة وقل جاء الحق الإسلام والدين الثابت الراسخ .
والجملة عطف على جملة قل أولا واحتمال أنها من مقول القول الأول لما فيها من الدلالة على الاستجابة في غاية البعد .
وزهق الباطل أي زال واضمحل ولم يثبت الشرك والكفر وتسويلات الشيطان من زهقت نفسه إذا خرجت من الأسف وعن قتادة أن الحق القرآن والباطل الشيطان وعن ابن جريج أن الأول الجهاد والثاني الشرك وعن مقاتل الحق عبادة الله تعالى والباطل عبادة الشيطان وهذا قريب مما ذكرنا