صورة اجريت عليه سبحانه أحكامها من حيث الظهور فيوصف عز مجده عندهم بالجلوس ونحوه من تلك الحيثية وينحل بذلك أمور كثيرة إلا أنه مبني على ما دون اثباته خرط القتاد ويرد على ما ذكره الواحدي في الوجه الثالث أن المقام وإن كان في الأصل بمعنى محل القيام إلا أنه شاع في مطلق المحل ويطلق على الرتبة والشرف وعلى ما ذكره في الوجه الأول أنه ليس هناك إلا تفسير المقام المحمود بالإجلاس لا تفسير البعث بالإجلاس نعم فيه مسامحة والمراد أن إحلاله في المحل المحمود هو اجلاسه على العرش وهذا المعنى يتأتى بإبقاء البعث على معناه وتقدير فيقيمك بمعنى فيحلك وبتفسيره بالإقامة بمعنى الإحلال وقد يقال : لا مسامحة والمراد من المقام الرتبة والبعث متضمن معنى الإعطاء أي عسى يعطيك ربك رتبة محمودة وهي إجلاسه إياك على عرشه باعثا وماذكره في الوجه الثاني حق لو أريد من الجلوس على العرش ظاهره أن أريد معنى آخر فلا نسلم اللازم وباب التأويل واسع وقد أول الإجلاس معه على رفع المحل والتشريف وهو مقول بالتشكيك فمتى صح أن أهل الجنة كلهم يجلسون معه آمنا به مع إثبات المزية للرسول فاندفع ما ذكره في الوجه الرابع ويرد على ما في الوجه الخامس أن الإجلاس معه لم يفهم من مجرد البعث وما ادعى أحد ذلك فيكون بعث السلطان فلانا يفهم منه أنه أرسله إلى قوم لاصلام مهماتهم ولا يفهم منه أنه أجلسه مع نفسه لا يضرنا كما لا يخفى على منصف .
وبالجملة كما قيل أو يقال لا يصغى إليه إن صح التفسير عن رسول الله لكن يبقى حينئذ أنه يلزم التعارض بين ظواهر الروايات ومن هنا قال بعضهم : المراد بالمقام المحمود ما ينتظم كل مقام يتضمن كرامة له والاقتصار في بعض الروايات على بعض لنكتة نحو ما مر ووصفه بكونه محمودا إما باعتبار أنه يحمد الله تعالى عليه أبلغ الحمد أو باعتبار أن كل من يشاهده يحمده ولم يشترط أن يكون الحمد في مقابلة النعمة ويدخل في هذا كل مقام له محمود في الجنة .
وكذا يدخل فيه ما جوز مفتي الصوفية سيدي شهاب الدين السهروردي أن يكون المقام المحمود وهو إعطاؤه E مرتبة من العلم لم تعط لغيره من الخلق أصلا فإنه ذكر في رسالة له في العقائد أن علم عوام المؤمنين يكون يوم القيامة كعلم علمائهم في الدنيا ويكون علم العلماء إذ ذاك كعلم الأنبياء عليهم السلام ويكون علم الأنبياء كعلم نبينا ويعطى نبينا E من العلم ما لم يعط أحد من العالمين ولعله المقام المحمود ولم أر ذلك لغيره عليه الرحمة والله تعالى أعلم .
ثم هذا الاختلاف في المقام المحمود هنا لم يقع فيه في دعاء الأذان بل ادعى العلامة ابن حجر الهيتمي أنه فيه مقام الشفاعة العظمى لفصل القضاء اتفاقا فتأمل في هذا المقام والله تعالى ولي الإنعام والإفهام .
وقل رب أدخلني مدخل صدق أي إدخالا مرضيا جيدا لا يرى فيه ما يكره والإضافة للمبالغة .
وأخرجني مخرج صدق نظي الأول واختلف في تعيين المراد من ذلك فأخرج الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم أن المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة ويدل عليه على ما قيل قوله تعالى وإن كادوا ليستفزونك إلخ .
وأيد بما أخرجه أحمد والطبراني والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس قال : كان النبي بمكة ثم أمر بالهجرة فأنزل الله تعالى عليه وقل رب الآية وبدأ بالإدخال لأنه الأهم