أيضا فلا لأنا نقول : النفي هو الأصل وعلى مدعى الإثبات الإثبات وأني به وما قالوا في الجواب عن الإعتراض بأن النزول ظهور من عالم الغيب إلى الشهادة والظهور بها لا يقبل التكرر فإن ظهور الظاهر ظاهر البطلان كتحصيل الحاصل من دعوى أنه كان في كل لفائدة أو أنه على حرف مرة وآخر أخرى لورود مالك وملك أو ببسلمة تارة وتارة بدونها وبه تجمع المذاهب والروايات مصحح للوقوع لا موجب له كما لا يخفى والسورة مهموزة وغير مهموزة بإبدال إن كانت من السور وهو البقية لأن بقية كل شيء بعضه وبدونه إن كانت من سور البناء وهي المنزلة أو سور المدينة لإحاطتها بآياتها أو من التسور وهو العلو والإرتفاع لإرتفاعها بكونها كلام الله تعالى وتطلق على المنزلة الرفيعة كما في قول النابغة : ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك حولها يتذبذب وحدها قرآن يشتمل على ذي فاتحة وخاتمة وقيل طائفة مستقلة لتخرج آية الكرسي مترجمة توقيفا وقد ثبتت أسماء الجميع بالأحاديث والآثار فمن قال بكراهة أن يقال سورة كذا بل سورة يذكر فيها كذا بناء على ما روى عن أنس وابن عمر من النهي عن ذلك لا يعتد به إذ حديث أنس ضعيف أو موضوع وحديث ابن عمر موقوف عليه وإن روى عنه بسند صحيح والفاتحة في الأصل صفة جعلت إما لأول الشيء لكونه واسطة في فتح الكل والتاء للنقل أو المبالغة ولا إختصاص لها بزنة علامة أو مصدر أطلقت على الأول تسمية للمفعول بالمصدر إشعارا بإصالته كأنه نفس الفتح إذ تعلقه به أولا ثم بواسطته يتعلق بالمجموع لكونه جزءا منه وكذا يقال في الخاتمة فإن بلوغ الآخر يعرض الآخر أولا والكل بواسطته وليس هذا كالأول لقلة فاعلة في المصادر إلا أنه أولى من كونه للآلة أو باعثا لأن هذه ملتبسة بالفعل ومقارنة له والغالب أن لا تتصف الآلة ولا يقارن الباعث على أن الآلة هنا غير مناسبة لإيهام أن يكون البعض غير مقصود وجوزوا أن يكون للنسبة أي ذات فتح مع وجود آخر مرجوحة والكتاب هو المجموع الشخصي وفتح الفاتحة بالقياس إليه لا إلى القدر المشترك بينه وبين أجزائه وهو متحقق في العلم أو اللوح أو بيت العزة فلا ضير في إشتهار السورة بهذا الأسم في الأوائل والإضافة الأولى من إضافة الأسم إلى المسمى وهي مشهورة والثانية بمعنى اللام كما في جزء الشيء لا بمعنى من كما في خاتم فضة لأن المضاف جزئي قاله شيخ الإسلام وهو مذهب بعض في كل وقال إبن كيسان والسيرافي وجمع إضافة الجزء على معنى من التبعيضية بل في اللمع وشرحه إن من المقدرة في الإضافة مطلقا كذلك من غير فرق بين الجزء والجزئي وبعضهم جعل الإضافة في الجزئي بيانية مطلقا وبعضهم خصها بالعموم والخصوص الوجهي كما في المثال وجعلها في المطلق كمدينة بغداد لامية والشهرة لا تساعده .
ولهذه السورة الكريمة أسماء أوصلها البعض إلى نيف وعشرين أحدها فاتحة الكتاب لأنها مبدؤه على الترتيب المعهود لا لأنها يفتتح بها في التعليم وفي القراءة في الصلاة كما زعمه الإمام السيوطي ولا لأنها أول سورة نزلت كما قيل أما الأول والثالث فلأن المبدئية من حيث التعليم أو النزول تستدعي مراعاة الترتيب في بقية أجزاء الكتاب من تينك الحيثيتين ولا ريب في أن الترتيب التعليمي والنزولي ليسا كالترتيب المعهود وأما الثاني فلما عرفت