وجوز أبو حيان وغيره كون العامل فيه جزاؤكم بناء على أن المصدر ينصب المفعول المطلق وجوز كونه حالا موطئا لصفتها التي هي حال في الحقيقة ولذا جاءت جامدة كقوله تعالى : قرآنا عربيا ولا حاجة لتقدير ذوي فيه حينئذ وصاحب الحال مفعول تجزمونه محذوفا والعامل الفعل وقيل إنه حال من فاعله بتقدير ذوي جزاء وقال الطيبي : قيل المعنى ذوي جزاء ليكون حالا عن ضمير المخاطبين ويكون المصدر عاملا وإلا فالعامل مفقود ثم قال : الأظهر أنه حال مؤكدة لمضمون الجملة نحو زيد حاتم جوادا وفي الكشف أن هذا متعين وليس الأول بالوجه ومثله جعله حالا عن الفاعل وقيل هو تمييز ولا يقبل عند ذويه واستفزز أي واستخفف يقال استفزه إذا استخفه فخدعه وأوقعه فيما أراده منه وأصل معنى الفز القطع ومنه تفزز الثوب إذا انقطع ويقال للخفيف فز ولذا سمي به ولد البقرة الوحشية كما في قول زهير : إذا استغاث بشيء فز غيطلة خاف العيون فلم تنظر به الحشك والواو على ما في البحر للعطف على اذهب والمراد من الأمر التهديد وكذا من الأوامر الآتية ويمنع من إرادة الحقيقة أن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء من استطعت أي الذي استطعت أن تستفزه منهم فمن موصول مفعول استفزز ومفعول استطعت محذوف وهو ما أشرنا إليه واختار أبو البقاء كون من استفهاميه في موضع نصب باستطعت وهو خلاف الظاهر جدا ولا داعي إلى ارتكابه بصوتك أي بدعائك إلى معصية الله تعالى ووسوستك وعبر عن الدعاء بالصوت تحقيرا له كأنه لا معنى له كصوت الحمار .
وأخرج ابن المندر وابن جرير وغيرهما عن مجاهد تفسيره بالغناء والمزامير واللهو والباطل وذكر الغزنوي أنه آدم عليه السلام أسكن ولد هابيل أعلى جبل وولد قابيل أسفله وفيهم بنات حسان فزمر الشيطان فلم يتمالك أن انحدروا واقترنوا واجلب عليهم أي صح عليهم من الجلبة وهي الصياح قاله الفراء وأبو عبيدة وذكر أن جلب وأجلب بمعنى وقال الزجاج : أجلب على العدو جمع عليه الخيل .
وقال ابن السكيت جلب عليه أعان عليه وقال ابن الأعرابي : أجلب على الرجل إذا توعده الشر وجمع عليه الجمع وفسر بعضهم أجلب هنا بأجمع فالباء في قوله تعالى : بخيلك ورجلك مزيدة كما في لا يقرأن بالسور وقرأ الحسن واجلب بوصل الألف وضم اللام من جلب ثلاثيا والخيل يطلق على الأفراس حقيقة ولا واحد له من لفظه وقيل إن واحده خائل لاختياله في مشيه وعلى الفرسان مجازا وهو المراد هنا ومنه قوله في بعض غزواته لأصحابه رضي الله تعالى عنهم يا خيل الله اركبي والرجل بكسر الجيم فعل بمعنى فاعل فهو صفة كحذر بمعنى حاذر يقال : فلان يمشي رجلا أي غير راكب .
وقال صاحب اللوامح : هو بمعنى الرجال يعني أنه مفرد أريد به الجمع لأنه المناسب للمقام وما عطف عليه وبهذا قرأ حفص وأبو عمر في رواية والحسن وظاهر الآية يقتضي أن للعين خيلا ورجلا وبه قال جمع فقيل هم من الجن وقيل منهم ومن الإنس وهو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وقتادة قالوا : إن له خيلا ورجلا من الجن والإنس فما كان من راكب يقاتل في معصية الله تعالى فهو من خيل ابليس وما كان من راجل يقاتل في معصية الله تعالى فهو من رجل ابليس وقال آخرون : ليس للشيطان خيل ولا رجالة