والسلام إلى غير ذلك من القبائح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد تنسى ما دامت الليالي والأيام وجاء لعنهم في القرآن إما على الخصوص كما زعمته الشيعة أو على العموم كما نقول فقد قال سبحانه وتعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وقال D فهل عسيتم إن توليتم إلا أن تفسدوا في الأرض أو تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم إلى آيات أخر ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولا أوليا لكن لا يخفى أن هذا لا يسوغ عند أكثر أهل السنة لعن واحد منهم بخصوصه فقد صرحوا أنه لا يجوز لعن كافر بخصوصه ما لم يتحقق موته على الكفر كفرعون ونمروذ فكيف من ليس كافرا وادعى السراج البلقيني جواز لعن العاصي المعين ونور دعواه بحديث الصحيحين إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنها الملائكة حتى تصبح .
وقال ولده الجلال بحثت مع والدي في ذلك باحتمال أن يكون لعن الملائكة لها بالعموم بأن يقول : لعن الله تعالى من باتت مهاجرة فراش زوجها ولو استدل لذلك بخبر مسلم أنه مر بحمار وسم بوجهه فقال : لعن الله تعالى من فعل هذا لكان أظهر إذ الإشارة بهذا صريحة في لعن معين إلا أن يؤول بأن المراد فاعل جنس ذلك لا فاعل هذا المعين وفيه ما فيه واستدل بعض من وافقه لذلك أيضا بما صح أنه قال : اللهم العن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله تعالى ورسوله فإن فيه لعن أقوام بأعيانهم وأجيب بأنه يجوز E علم موتهم أو موت أكثرهم على الكفر فلم يلعن إلا من علم موته عليه وهو كما ترى ولا يخفى أن تفسير الآية بما ذكر غير ظاهر الملاءمة للسياق والله تعالى أعلم بصحة الأحاديث وقيل الشجرة الملعونة مجاز عن أبي جهل وكان فتنة وبلاء على المسلمين لعنه الله تعالى وقيل مجاز عن اليهود الذين تظاهروا على رسول الله ولعنهم في القرآن ظاهر وفتنتهم أنهم كانوا ينتظرون بعثته E فلما بعث كفروا به وقالوا : ليس هو الذي كنا ننتظره فثبطوا كثيرا من الناس بمقالتهم عن الإسلام وإذ قلنا للملائكة تذكير لما جرى منه تعالى من الأمر ومن الملائكة من الامتثال والطاعة من غير تثبط وتحقيق لمضمون قوله تعالى : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة الخ أما إن كان المراد من الموصول الملائكة فظاهر وأما إن كان غيرهم فللمقايسة وفيه إشارة إلى عاقبة أولئك الذين عاندوا الحق واقترحوا الآيات وكذبوا الرسول E فإنهم داخلون في الذرية الذين احتنكهم ابليس عليه اللعنة واتبعوه اتباع الظل لذويه دخولا أوليا ومشاركون له في العناد أتم مشاركة حتى قالو إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فوجه مناسبة الآية لما قبلها ظاهر وقيل الوجه مشابهة قريش الذين كذبوا النبي لابليس في أن كلا منهما حمله الحسد والكبر على ما صدر منه أي واذكر وقت قولنا للملائكة اسجدوا لآدم تحية وتكريما له عليه السلام وقيل المعنى اجعلوه قبلة سجودكم لله تعالى فسجدوا من غير تلعثتم امتثالا لأمره تعالى إلا إبليس لم يكن من الساجدين وكان معدودا في إعدادهم مندرجا تحت الأمر بالسجود قال استئناف بيان كأنه قيل فما كان منه بعد التخلف فأجيب بأنه قال أي بعد أن وبخ بما وبخ مما قصه الله سبحانه في غير هذا الموضع على سبيل الانكار والتعجب ءأسجد وقد خلقتني من نار لمن خلقت طينا 16 نصب على نزع الخافض