بما فسرت به الآية أولا وادعى بعضهم أنه لا يخلو عن نوع تسلية وقيل : الإحاطة هنا الإهلاك كما في قوله تعالى : وأحيط بثمره والناس قريش ووقت ذلك الإهلاك يوم بدر وعبر عنه بالماضي مع كونه منتظرا حسبما ينبيء عنه قوله تعالى : سيهزم الجمع ويولون الدبر وقوله سبحانه : قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وغير ذلك لتحقق الوقوع وأولت الرؤيا بما رآه في المنام من مصارعهم كما صرح به في بعض الروايات وصح أنه لما ورد ماء بدر كان يقول : والله لكأني أنظر إلى مصارعهم كم صرح به في بعض الروايات وصح أنه لما ورد ماء بدر كان يقول : والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يضع يده الشريفة على الأرض ههنا وههنا ويقول : هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان وهو ظاهر في كون ذلك مناما .
ويروى أن قريشا سمعت بما أوحي إلى رسول الله في شأن بدر وما أري في منامه من مصارعهم فكانوا يضحكون ويسخرون وهو المراد بالفتنة وبما رآه E أنه سيدخل مكة وأخبر أصحابه فتوجه إليها فصده المشركون عام الحديبية وإليه ذهب أبو مسلم والجبائي واعتذر عن كون ما ذكر مدنيا بأنه يجوز أن يكون الوحي بإهلاكهم وكذا الرؤيا واقعا بمكة وذكر الرؤيا وتعيين المصارع واقعين بعد الهجرة ويلزم منه أن يكون الافتتان بذلك بعد الهجرة وأن يكون ازديادهم طغيانا متوقعا غير واقع عند نزول الآية وكل ذلك خلاف الظاهر .
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال : رأى رسول الله بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات E وأنزل الله تعالى هذه الآية وما جعلنا الرؤيا الخ .
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال : رأى رسول الله بني أمية على المنابر فساءه ذلك فأوحى الله تعالى إليه إنما هي دنيا أعطوها فقرت عينه وذلك قوله تعالى : وما جعلنا الخ .
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلي بن مرة قال : قال رسول الله : رأيت بني أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء واهتم E لذلك فأنزل الله سبحانه وما جعلنا الآية وأخرج عن ابن عمر أن النبي قال : رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة وأنزل الله تعالى في ذلك وما جعلنا الخ والشجرة الملعونة الحكم وولده وفي عبارة بعض المفسرين هي بنو أمية .
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول الله يقول لأبيك وجدك : إنكم الشجرة الملعونة في القرآن فعلى هذا معنى إحاطته تعالى بالناس إحاطة أقداره بهم والكلام على ما قيل على حذف مضاف أي وما جعلنا تعبير الرؤيا أو الرؤيا فيه مجاز عن تعبيرها ومعنى جعل ذلك فتنة للناس جعله بلاء لهم ومختبرا وبذلك فسره ابن المسيب وكان هذا بالنسبة إلى خلفائهم الذين فعلوا ما فعلوا وعدلوا عن سنن الحق وما عدلوا وما بعده بالنسبة إلى ما عدا خلفاءهم منهم ممن كان عندهم عاملا وللخبائث عاملا أو ممن كان من أعوانهم كيفما كان ويحتمل أن يكون المراد ما جعلنا خلافتهم وما جعلناهم أنفسهم إلا فتنة وفيه من المبالغة في ذمهم ما فيه وجعل ضمير نخوفهم على هذا لما كان له أو لا أو للشجرة باعتبار أن المراد بها بنو أمية ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصمومة والفروج المحصنة وأخذ الأموال من غير حلها ومنع الحقوق عن أهلها وتبديل الأحكام والحكم بغير ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه الصلاة