خطاب الكافرين عند قوله تعالى : قريبا فيستجيبون حامدين له سبحانه على إحسانه إليهم وتوفيقه إياهم للإيمان بالبعثوأخرج الترمذي والطبراني وغيرهما عن ابن عمرقال : قال رسول الله ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم وكأن بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وفي رواية عن أنس مرفوعا ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور ولا في الحشر وكأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رؤسهم من التراب يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وقيل : الخطاب للفريقين وكلهم يقولون : ما روي عن ابن جبير .
وتظنون الظاهر أنه عطف على تستجيبون وإليه ذهب الحوفي وغيره وقال أبو البقاء : هو بتقدير مبتدأ والجملة في موضع الحال أي وأنتم تظنون إن لبثتم أي ما لبثتم في القبور إلا قليلا 25 كالذي مر على قرية أو ما لبثتم في الدنيا كما روى غير واحد عن قتادة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يستقلون لبثهم بين النفختين فإنه يزال عنهم العذاب في ذلك البين ولذا يقولون من بعثنا من مرقدنا وقيل يستقلون لبثهم في عرصة القيامة لما أن عاقبة أمرهم الدخول إلى النار وهذا في غاية البعد كما لا يخفى والظن يحتمل أن يكون على بابه ويحتمل أن يكون بمعنى اليقين وهو معلق عن العمل بأن النافية وقل من ذكرها من أدوات التعليق قاله أبو حيان وانتصاب قليلا على أنه نعت لزمان محذوف أي إلا زمانا قليلا وجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أي لبثا قليلا ودلالة الفعل على مصدره دلالة قوية وقل لعبادي أي المؤمنين فالإضافة لتشريف المضاف يقولوا عند محاورتهم مع المشركين التي أي الكلمة أو العبارة التي هي أحسن ولا يخاشنوهم كقوله تعالى : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ومقول فعل الأمر محذوف أي قل لهم قولوا التي هي أحسن يقولوا ذلك فجزم يقولوا لأنه جواب الأمر وإلى هذا ذهب الأخفش ولكون المقول لهم هم المؤمنون المسارعون لامتثال أمر الله تعالى وأمر رسوله بمجرد ما يقال لهم لم يكن غبار في هذا الجزم .
وقال الزجاج : إن يقولوا هو المقول وجزمه بلام الأمر محذوفة أي قل لهم ليقولوا التي الخ وقال المازني : إنه المقول أيضا إلا أنه مضارع مبني لحلوله محل المبني وهو فعل الأمر والمعنى قل لعبادي قولوا التي هي أحسن وهو كما ترى ومقول يقولوا التي وإذا أريد به الكلمة حملت على معناها الشامل للكلام .
إن الشيطان ينزغ بينهم أي يفسد ويهيج الشر بين المؤمنين والمشركين بالمخاشنة فلعل ذلك يؤدي إلى تأكد العناد وتمادي الفساد فالجملة تعليل للأمر السابق وقرأ طلحة ينزغ بكسر الزاي قال أبو حاتم : لعلها لغة والقراءة بالفتح وقال صاحب اللوامح : الفتح والكسر لغتان نحو يمنح ويمنح إن الشيطان كان قدما للإنسان عدوا مبينا 35 ظاهر العداوة فهو من أبان اللازم والجملة تعليل لما سبق من أن الشيطان ينزغ بينهم ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم بالتوفيق للايمان وإن يشأ يعذبكم بالإماتة على الكفر وهذا تفسير التي هي أحسن والجملتان اعتراض بينهما والخطاب فيه للمشركين فكأنه قيل : قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاكلها وعلقوا أمرهم على مشيئة الله تعالى ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار فإنه مما يهيجهم على الشر مع أن الخاتمة مجهولة لا يعلمها غيره تعالى فلعله سبحانه يهديهم إلى الايمان والظاهر أن أو للانفصال الحقيقي