وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتمو وما هو عنها بالحديث المرجم وجعله بدلا من الضمير المستتر بدل اشتمال ولم يرفع لأنه إذا أضيف إلى مثل هذه الجملة قد يبنى على الفتح تكلف وادعاء ظهوره ومكابرة والدعاء قيل : مجاز عن البعث وكذا الاستجابة في قوله تعالى : فتستجيبون مجاز عن الانبعاث أي يوم يبعثكم فتنبعثون فلا دعاء ولا استجابة وهو نظير قوله تعالى كن فيكون في أنه لا خطاب ولا مخاطب في المشهور وتجوز بالدعاء والاستجابة عن ذلك للتنبيه على السرعة والسهولة لأن قول : قم يا فلان أمر سريع لا بطء فيه ومجرد النداء ليس كمزاولة الايجاد بالنسبة إلينا وعلى أن المقصود الاحضار للحساب والجزاء فإن دعوة السيد لعبده إنما تكون لاستخدامه أو للتفحص عن أمره والأول منتف لأن الآخرة لا تكليف فيها فتعين الثاني وقال الإمام وأبو حيان : يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال سبحانه يوم ينادي المناد من مكان قريب الآية ويقال إن إسرافيل عليه السلام وفي رواية جبرائيل عليه السلام ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها الأجسام البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت .
وأخرج أبو داود وابن حبان عن أبي الدرداء أنه قال : قال إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسمائكم ولعل هذا عند الدعاء للحساب وهو بعد البعث من القبور واقتصر كثير على التجوز السابق فقيل إن فيه إشارة إلى امتناع الحمل على الحقيقة لما يلزم من الحمل عليها خطاب الجماد وهو الأجزاء المتفرقة ولو لم تمتنع إرادةالحقيقة لكان ذلك كناية عن البعث والانبعاث لا مجاز والمجوز لإرادتها يقول أن الدعوة بالأمر التكويني وهو مما يوجه إلى المعدوم وقد قال جمع به في قول كن ولم يتجوزوا في ذلك وأما إنه لو لم تمتنع إرادة الحقيقة لكان كناية لا مجاز فأمر سهل كما لا يخفى فتدبر .
بحمده حال من ضمير المخاطبين وهم الكفار كما هو الظاهر والباء للملابسة أي فتستجيبون ملتبسين بحمده أي حامدين له تعالى على كمال قدرته وقيل المراد معترفين بأن الحمد له على النعم لا تنكرون ذلك لأن المعارف هناك ضرورية .
وأخرج عبد بن حميد وغيره عن ابن جرير أنه قال : يخرجون من قبورهم وهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ولا بعد في صدور ذلك من الكافر يوم القيامة وإن لم ينفعه وحمل الزمخشري ذلك على المجاز والمراد المغالبة في انقيادهم للبعث كقوله لمن تأمره بركوب ما يشق عليه ويمتنع ستركبه وأنت حامد شاكر يعني أنك تحمل عليه وتقسر قسرا حتى إنك تلين لين المسمح الراغب فيه الحامد عليه فكأنه قيل : منقادين لبعثه انقياد الحامدين له وتعلق الجار بيدعوكم ليس بشيء وعن الطبري أن بحمده معترض بين متعاطفين اعتراضه بين اسم إن وخبرها في قوله : فإني بحمد الله لثوب فأجرى لبست ولا من غدره أتقنع ويكون الكلام على حد قوله لرجل وقد خصمته في مسألة أخطأت بحمد الله تعالى فكأن الرسول E قال : عسى أن يكون البعث قريبا يوم تدعون وتقومون بخلاف ما تعتقدون اليوم وذلك بحمد الله سبحانه على صدق خبري وملخصه يكون ذلك على اختلاف اعتقادكم والحمد لله تعالى ولا يخفى أنه معنى متكلف لا يكاد يفهم من الكلام ونحن في غنى عن ارتكابه والحمد لله وقيل الخطاب للمؤمنين وانقطع