وأخرجوأخرج ابن راهوية في مسنده من طريق الزهري قال : أتى أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وافر الجناحين فقال : سمعت رسول الله يقول : ما صيد صيد ولا عضدت عضاه ولا قطعت وشيجه إلا بقلة التسبيح وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله E ما صيد من صيد ولا شج من شج إلا بتضييعه التسبيح .
وأخرج ابن الشيخ عن أبي الدرداء وابن مردوية عن ابن مسعود مثل ذلك مرفوعا أيضا وأخرج أبو الشيخ عن الحسن لولا ما غم عليكم من تسبيح ما معكم من البيوت ما تقاررتم وأخرج عن أبي حاتم عن لوط بن أبي لوط قال : بلغني أن تسبيح سماء الدنيا سبحان ربي الأعلى والثانية سبحانه وتعالى والثالثة سبحانه وحمده والرابعة سبحانه ولا حول ولا قوة إلا به والخامسة سبحان محيي الموتى وهو على كل شيء قدير والسادسة سبحان الملك القدوس والسابعة سبحان الذي ملأ السماوات السبع والأرضين السبع عزة ووقارا إلى ما يكاد يحصى من الأخبار والآثار وهي بمجموعها متعاضدة في الدلالة على أن التسبيح قالي كما لا يخفى وهو مذهب الصوفية وذكروا أن السالكة عند وصوله إلى بعض المقامات يسمع تسبيح الأشياء بلغات شتى .
وقد روي عن بعض السلف سماعا لتسبيح بعض الجمادات واختلف القائلون بهذا التسبيح فقال بعضهم : بثبوته للأشياء مطلقا وقيل إن التراب يسبح ما لم يبتل فإذا ابتل ترك التسبيح وأن الخرزة تسبح ما لم ترفع من موضعها فإذا رفعت تركت وإن الورقة تسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت وإن الثوب يسبح ما لم يتسخ فإذا اتسخ ترك وإن الوحش والطير تسبح إذا صاحت وإذا سكتت تركت وعلى هذا ما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة فقال بعضهم : هذه المائدة تسبح الآن فقال الحسن : كلا إنما ذاك كل شيء على أصله .
وأخرج عن السدي أنه قال : ما من شيء على أصله الأول لم يمت إلا وهو يسبح بحمده تعالى ولعله أراد بالموت خروجه عن أصله الأول .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن قتادة أنه قال في الآية : كل شيء فيه الروح يسبح من شجرة وحيوان وكون الشجرة ذات روح مبني على قول الناس فيها إذا يبست ماتت واستثنى بعضهم بعض الحيوانات من عموم كل شيء لما أخرجه أبو الشيخ عن ابن عباس أنه قال كل شيء يسبح إلا الحمار والكلب .
ولا أرى لاستثناء ما ذكر وجها وفي القلب من صحة الرواية عن الحبر شيء وكذا للتقييد بعد أن لم تكن الجمادية مانعة عن التسبيح والأخبار الظاهرة في عدم التقييد أكثر ولا أظن لما يخالفها امتيازا عليها في الصحة .
ويشكل على هذا القول ما تقدم عن الامام من إباء التذييل عنه وعدم وجود العلم الذي يستدعيه التسبيح القالي في الجمادات وتقصى بعضهم عن هذا بالتزام آن لكل شيء حياة وعلما لائقين به ولا يطلع على حقيقة ذلك إلا الله تعالى اللطيف الخبير فكل ما في العالم عند هذا الملتزم حي عالم لكنه متفاوت المراتب في العلم والحياة .
ونقل الشعراني عن الخواص أنه قال : كل جماد يفهم الخطاب ويتألم كما يتألم الحيوان وقال الشيخ الأكبر قدس سره : أن المسمى بالجماد والنبات له عندنا أرواح بطنت عن إدراك غير الكشف إياها في العادة فالكل عندنا حي ناطق غير أن هذا المزاج الخاص يسمى إنسانا لا غير بالصورة ووقع التفاصل بين الخلائق في المزاج والكل