تدل على البعير والأثر على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على اللطيف الخبير .
وأيضا إن الله تعالى لم يدعنا ورسولا من أول الأمر إلى آخره والحجة كانت قائمة بالواحد كما بقيت بمحمد إلى يوم القيامة ولم يدل ذلك على أن الأول لم يكن حجة كافية وكذلك لم يدعنا سبحانه والبيان بآية واحدة بل من علينا جل شأنه بآيات متكررة ولا يدل ذلك أن الآية الواحدة لم تكن حجة كافية .
وقوله تعالى خبرا عن قول الخزنة لأهل النار : أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات توبيخ بالأظهر وهو لا يدل على أن الأخر ليس بحجة وقوله تعالى : لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل على معنى لئلا يكون لهم احتجاج بزعمهم بأن يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا وقوله تعالى : ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى وأهلها غافلون محمول على الإهلاك بعذاب الاستئصال في الدنيا على تكذيب الرسل وأما جزاء الكفر فالنار في العقبى وكذا يقال في الآية التي نحن فيها لكثرة ما يدعو إليه فلا عذر لمن لم يعرف ربه سبحانه من أهل الفترة إذا كان عاقلا مميزا متمكنا من النظر والاستدلال لا سيما إذا بلغته دعوة رسول من الرسل عليهم السلام ولا يكاد يوجد من لم تبلغه كما سمعت عن الحليمي وقيل : بوجوده في أمريقا وهي المسماة بيكي دنيا قبل أن يظفر بها في حدود الألف بعد الهجرة كرشتوفيل المشهور بقلوبنو فإن أهلها على ما بلغنا إذ ذاك لم يسمعوا بدعوة رسول أصلا ثم المفهوم من كلام الأجلة أن النزاع إنما هو بالنسبة لأحكام الإيمان بالله تعالى بخلاف الفروع فلا خلاف في أنها لا تثبت إلا في حق من بلغته دعوة من أرسل إليه وهو الظاهر نعم ما اتفق عليه الملل من الفروع هل هو كالإيمان حتى يجري فيه النزاع المتقدم فيه نظر وأما الإيمان بنبينا فليس بواجب على من لم تبلغه دعوته إذ ليس للعقل في ذلك مجال كما لا يخفى على ذي عقل بل قال حجة الإسلام الغزالي الناس بعد بعثته E أصناف صنف لم تبلغهم دعوته ولم يسمعوا به أصلا فأولئك مقطوع لهم بالجنة وصنف بلغتهم دعوته وظهور المعجزة على يده وما كان عليه من الأخلاق العظيمة والصفات الكريمة ولم يؤمنوا به كالكفرة الذين بين ظهرانينا فأولئك مقطوع لهم بالنار وصنف بلغتهم دعوته E وسمعوا به لكن كما يسمع أحدنا بالدجال وحاشا قدره الشريف على ذلك فهؤلاء أرجو لهم الجنة إذ لم يسمعوا ما يرغبهم في الإيمان به ا ه ولعل القطع بالجنة للأولين ورجاءها للآخرين إنما يكونان إذا كانوا مؤمنين بالله تعالى وأما إذا لم يكونوا كذلك فهم على الخلاف ثم إن مسألة عدم الوجوب قبل ورود الشرع إنما يتم الاستدلال عليه بالآية عند المستدلين بها كما قال الأصفهاني إذا كان المقصود تحصيل غلبة الظن فيها فإن كانت علمية فلا يمكن إثباتها بالدلائل الظنية وفيها عندهم نوع اكتفاء أي وما كنا معذبين ولا مثيبين حتى نبعث رسولا قالوا : واستغني عن ذكر الثواب بذكر مقابله من العذاب ولم يعكس لأنه أظهر منه في تحقق معنى التكليف فتأمل .
وإذا أردنا أن نهلك قرية بيان لكيفية وقوع العذاب بعد البعثة وليس المراد بالإرادة الإرادة الأزلية المتعلقة بوقوع المراد في وقته المقدر له أصلا إذ لا يقارنها الجزاء الآتي ولا تحققها بالفعل إذ لا يتخلف عنه المراد بل دنو وقته كما في قوله تعالى أتى أمر الله أي إذا دنا وقت تعلق إرادتنا بإهلاكها بأن نعذب أهلها بما ذكر من عذاب