الدنيوية كالاسترقاق .
وتوقفت طائفة فيهم ومن هؤلاء أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وقيل : فيهم من يدخل الجنة وفيهم من يدخل النار لما أخرج الحكيم الترمذي في النوادر عن عبد الله بن شداد أن رسول الله أتاه رجل فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغارا فوضع رأسه ساعة ثم قال : أين السائل فقال : ها أنذا يا رسول الله فقال : إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار ولم يبق غيرهم عجوا فقالوا : اللهم ربنا لم تأتنا رسلك ولم نعلم شئيا فأرسل إليهم ملكا والله تعالى أعلم بما كانوا عاملين فقال : إني رسول ربكم إليكم فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار فقال إن الله تعالى يأمركم أن تقتحموا فيها فاقتحمت طائفة منهم ثم خرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم فجعلوا في السابقين المقربين ثم جاءهم الرسول فقال إن الله تعالى يأمركم أن تقتحموا في النار فاقتحمت طائفة أخرى ثم أخرجوا من حيث لا يشعرون فجعلوا في أصحاب اليمين ثم جاء الرسول فقال : إن الله تعالى يأمركم أن تقتحموا في النار فقالوا : ربنا لا طاقة لنا بعذابك فأمر بهم فجمعت نواصيهم وأقدامهم ثم ألقوا في النار .
وذهب المحققون إلى أنهم من أهل الجنة وهو الصحيح ويستدل له بأشياء منها الآية على ما سمعت عن الجبائي ومنها حديث إبراهيم الخليل عليه السلام حين رآه النبي في الجنة وحوله أولاد الناس قالوا : يا رسول الله وأولاد المشركين رواه البخاري في صحيحه ومنها ما أخرجه الحكيم الترمذي أيضا في النوادر وابن عبد البر عن أنس قال : سألنا رسول الله عن أولاد المشركين فقال : هم خدام أهل الجنة .
ومنها الآية الآتية حيث أفادت أن لا تعذيب قبل التكليف ولا يتوجه على المولود التكليف ويلزمه قول الرسول E حتى يبلغ ولم يخالف أحد في أن أولاد المسلمين في الجنة إلا بعض من لا يعتد به فإنه توقف فيهم لحديث عائشة توفي صبي من الأنصار فقلت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه فقال : أو غير ذلك يا عائشة إن الله تعالى خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلا وهم في أصلاب آبائهم وأجاب العلماء عنه بأنه لعله E نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون لها دليل قاطع كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله : اعطه إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما الحديث ويحتمل أنه قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة فلما علم قال ذلك في قوله ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله تعالى الجنة بفضله ورحمته إياهم إلى غير ذلك من الأحاديث وقال القاضي : دلت الآية على أن الوزر ليس من فعله تعالى لأنه لو كان كذلك لامتنع أن يؤاخذ العبد به كما لا يؤاخذ بوزر غيره ولأنه كان يجب ارتفاع الوزر أصلا لأن الوازر إنما يوصف بذلك إذا كان مختارا يمكنه التحرز ولهذا المعنى لا يوصف الصبي بذلك وأنت تعلم أن هذا إنما ينتهض على الجبرية لا على الجماعة القائلين لا جبر ولا تفويض وما كنا معذبين بيان للعناية الربانية إثر بيان اختصاص آثار الهداية والضلال بأصحابهما وعدم حرمان المهتدي من ثمرات هدايته وعدم مؤاخذة النفس بجناية غيرها أي وما صح وما استقام منا بل استحال في سنتنا المبنية على الحكم البالغة أو ما كان في حكمنا الماضي وقضائنا السابق أن نعذب أحدا بنوع ما من العذاب دنيويا كان أو أخرويا على فعل شيء أو ترك شيء أصليا كان أو فرعيا حتى نبعث إليه رسولا يهدي إلى الحق ويردع عن الضلال ويقيم الحجج ويمهد الشرائع أو حتى نبعث