عليها لا على من لم يباشره حتى يمكن مفارقة العمل صاحبه ولا تزر وازرة وزر أخرى تأكيد للجملة الثانية أي لا تحمل نفس حاملة للوزر وزر نفس أخرى حتى يمكن تخلص النفس الثانية عن وزرها ويختل ما بين العامل وعمله من التلازم وخص التأكيد بالجملة الثانية قطعا للأطماع الفارغة حيث كانوا يزعمون أنهم إن لم يكونوا على الحق فالتبعة على أسلافهم الذين قلدوهم .
وروي عن ابن عباس أنها نزلت في الوليد بن المغيرة لما قال : اكفروا بمحمد وعلي أوزاركم ولا ينافي هذه الآية ما يدل عليه قوله تعالى من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وقوله تعالى ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم من حمل الغير وزر الغير وانتفاعه بحسنته وتضرره بسيئته لأنه في الحقيقة انتفاع بحسنة نفسه وتضرر بسيئته فإن جزاء الحسنة والسيئة اللتين يعملهما العامل لازم له وإنما يصل إلى من يشفع جزاء شفاعته لا جزاء أصل الحسنة والسيئة وكذلك جزاء الضلال مقصور على الضالين وما يحمله المضلون إنما هو جزاء الإضلال لا جزاء الضلال قاله شيخ الإسلام ولهذه الآية طعنت عائشة Bها في صحة خبر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال : إن الميت يعذب ببكاء أهله فإن فيه أخذ الإنسان بجرم غيره وهو خلاف ما أنطقت به الآية .
وأجيب بأن الحديث محمول على ما إذا أوصى الميت بذلك فيكون ذلك التعذيب من قبيل جزاء الإضلال وقيل : المراد بالميت المحتضر مجازا وبالتعذيب التعذيب في الدنيا أي أن المحتضر يتألم ببكاء أهله عليه فلا ينبغي أن يبكوا ولها أيضا منع جماعة من قدماء الفقهاء صرف الدية على العاقلة لما فيه من مؤاخذة الإنسان بفعل غيره وأجيب بأن ذلك تكليف واقع على سبيل الابتداء وإلا فالمخطيء نفسه ليس بمؤاخذ على ذلك الفعل فكيف يؤاخذ غيره عليه واستدل بها الجبائي على أن أطفال المشركين لا يعذبون وإلا كانوا مؤاخذين بذنب آبائهم وهو خلاف ظاهر الآية وزعم بعضهم أنها نزلت فيهم وليس بصحيح نعم أخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف عن عائشة قالت : سألت خديجة رسول الله عن أولاد المشركين فقال : هم من آبائهم ثم سألته بعد ذلك فقال : الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت ولا تزر وازرة وزر أخرى فقال : هم على الفطرة أو قال في الجنة والمسئلة خلافية وفيها مذاهب فقال الأكثرون : هم في النار تبعا لآبائهم واستدل لذلك بما أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عائشة أيضا قالت سألت النبي عن ولدان المسلمين أين هم قال : في الجنة وسألته عن ولدان المشركين أين هم قال : في النار قلت : يا رسول الله لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام قال : ربك أعلم بما كانوا عاملين والذي نفسي بيده إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار وفيه أن هذا الخبر قد ضعفه ابن عبد البر فلا يحتج به نعم صح أنه سئل عن أولاد المشركين فقال : الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين وليس فيه تصريح بأنهم في النار وحقيقة لفظه الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين لو بلغوا ولم يبلغوا والتكليف لا يكون إلا بالبلوغ .
وأخرج الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس قال : حدثني الصعب بن جثامة قلت : يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال : هم منهم وهو عند المخالفين محمول على أنهم منهم في الأحكام