بحسب الإستمرار التجددي في متعلقه فإنهم مستمرون على التفوه بتلك العظيمة وفي البحر أن المعنى على المضي فالمراد علمنا وعنوا بهذا البشر قيل : جبرا الرومي غلام عامر بن الحضرمي وكان قد قرأ التوراة والإنجيل وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يجلس إليه إذا آذاه أهل مكة فقالوا ما قالوا .
وروي ذلك عن السدي وقيل : مولى لخويطب بن عبد العزي اسمه عائش أو يعيش كان يقرأ الكتب وقد أسلم وحسن إسلامه قال الفراء والزجاج وقيل : أبا فكيهة مولى لامرأة بمكة قيل اسمه يسار وكان يهوديا قاله مقاتل وابن جبير إلا أنه لم يقل كان يهوديا وأخرج آدم بن أبي إياس والبيهقي وجماعة عن عبد الله بن مسلم الحضرمي قال : كان لنا عبدان نصرانيان من أهل عين التمر يقال لأحدهما يسار وللآخر جبر وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرءان الإنجيل فربما مر بهما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهما يقرءان فيقف ويستمع فقال المشركون : إنما يتعلم منهما وفي بعض الروايات أنه قيل لأحدهما إنك تعلم محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لا بل هو يعلمني وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : كان بمكة غلام أعجمي رومي لبعض قريش يقال : له بلعام وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعلمه الإسلام فقالت قريش : هذا يعلم محمدا E من جهة الأعاجم وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك أنه سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وضعف هذا بأن الآية مكية وسلمان أسلم بالمدينة وكونها إخبارا بأمر مغيب لا يناسب السباق ورواية أنه أسلم بمكة واشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأعتقه بها قيل ضعيفة لا يعول عليها كاحتمال أن هذه الآية مدنية .
وقد أخبرني من أثق به عن بعض النصارى أنه قال له : كان نبيكم صلى الله تعالى عليه وسلم يتردد إليه في غار حراء رجلان نصراني ويهودي يعلمانه ولم أجد هذا عن أحد من المشركين وهو كذب بحت لا منشأ له وبهت محض لا شبهة فيه وإنما يصرح باسم من زعموا أنه يعلمه E مع أنه أدخل في ظهور كذبهم للإيذان بأن مدار خطئهم ليس بنسبته صلى الله تعالى عليه وسلم إلى التعلم من شخص معين بل من البشر كائنا من كان مع كونه E معدنا لعلوم الأولين والآخرين لسان الذي يلحدون إليه أعجمي اللسان مجاز مشهور عن التكلم والإلحاد الميل يقال : لحد وألحد إذا مال عن القصد ومنه لحد القبر لأنه حفرة مائلة عن وسطه والملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها والأعجمي الغير البين قال أبو الفتح الموصلي : تركيب ع ج م في كلام العرب للإبهام والإخفاء وضد البيان والإيضاح ومنه قولهم : رجل أعجم وامرأة عجماء إذا كانا لا يفصحان وعجم الزبيب سمي بذلك لاستتاره واختفائه ويقال للبهيمة العجماء لأنه لا توضح ما في نفسها وسموا صلاتي في الظهر والعصر العجماوين لأن القراءة فيهما سر وأما قولهم : أعجمت الكتاب فمعناه أزلت عجمته كأشكيت زيدا أزلت شكواه والأعجمي والأعجم الذي في لسانه عجمة من العجم كان أو من العرب ومن ذلك زياد الأعجم وكان عربيا في لسانه لكنة وكذلك حبيب الأعجمي تلميذ الحسن البصري قدس الله تعالى سرهما على ما رأيته في بعض التواريخ .
والمراد من الذي على القول بتعدد من زعموا نسبة التعليم إليه الجنس ومفعول يلحدون محذوف أي تكلم الذي يميلون قولهم عن الإستقامة إليه أي ينسبون التعليم إليه غير بين لا يتضح المراد منه .
وظاهر كلام ابن عطية أن اللسان على معناه الحقيقي وهو الجارحة المعروفة وقرأ الحسن اللسان الذي بتعريف