من الحجج القاطعة والأدلة الساطعة أو على الإيمان بأنه كلامه تعالى فافهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية المصالح رسخت عقائدهم واطمأنت به قلوبهم وأول بعضهم الآية على هذا الوجه بقوله : ليبين ثباتهم وتعقب بأنه لا حاجة إليه إذا التثبيت بعد النسخ لم يكن قبله فإن نظر إلى مطلق الإيمان صح وقريء ليثبت من الأفعال .
وهدى وبشرى للمسلمين .
102 .
- عطف على محل ليثبت عند الزمخشري ومن تابعه وهو نظير زرتك لأحدثك وإجلالا لك أي تثبيتا وهداية وبشارة وتعقب بأنه إذا اعتبر الكل فعل المنزل على الإسناد المجازي لم يكن للفرق بإدخال اللام في البعض والترك في البعض وجه ظاهر وكذا إذا اعتبر فعل الله تعالى كما هو كذلك على الحقيقة وإذا اعتبر البعض فعل المنزل ليتحد فاعل المصدر وفاعل الفعل المعلل به فيترك اللام له والبعض الآخر فعل الله تعالى ليختلف الفاعل فيؤتى باللام لم يكن لهذا التخصيص وجه ظاهر أيضا ويفوت به حسن النظم .
وقال الخفاجي يوجه ترك اللام في المعطوف دون المعطوف عليه مع وجود شرط الترك فيهما بأن المصدر المسبوك معرفة على ما تقرر في العربية والمفعول له الصريح وإن لم يجب تنكيره كما عزى للرياشي فخلافه قليل كقوله : واغفر عوراء الكريم إدخاره .
ففرق بينهما تفننا وجريا على الأفصح فيهما والنكتة فيه أن التثبيت أمر عارض بعد حصول المثبت عليه فاختير فيه صيغة الحدوث مع ذكر الفاعل إشارة إلى أنه فعل لله تعالى مختص به بخلاف الهداية والبشارة فإنهما يكونان بالواسطة وقيل : إن وجود الشرط مجوز لا موجب والإختيار مرجح مع ما في ذلك من فائدة بيان جواز الوجهين وفيه أنه لا يصح وجها عند التحقيق وقد اعترض أبو حيان هنا بما تقدم في الكلام على قوله تعالى : ليبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة وذكر أنه لا يمتنع أن يكون العطف على المصدر المنسبك لأنه مجرور فيكون هدى وبشرى مجرورين وجوز أبو البقاء أن يكونا مرفوعين على أنهما خبرا مبتدأ محذوف أي وهو هدى وبشرى والجملة في موضع الحال من الهاء في نزله .
والمراد بالمسلمين الذين آمنوا والعدول عن ضميرهم لمدحهم بكلا العنوانين وفسر بعضهم الإسلام بمعناه اللغوي فقيل : إن ذلك ليفيد بعد توصيتهم بالإيمان والظاهر أن للمسلمين قيد للهدى والبشرى ولم أر من تعرض لجواز كونه قيدا للبشرى فقط كما تعرض لذلك في قوله تعالى : هدى ورحمة وبشرى للمسلمين على ما سمعت هناك .
وفي هذه الآية على ما قالوا تعريض لحصول أضداد الأمور المذكور لمن سوى المذكورين من الكفار من حيث أن قوله تعالى : قل نزله جواب لقولهم : إنما أنت مفتر فيكفي فيه قل نزله روح القدس فالزيادة لمكان التعريض وقال الطيبي إن نزله روح القدرس بدل نزله الله فيه زيادة تصوير في الجواب وزيد قوله تعالى بالحق لينبه على دفع الطعن بألطف الوجوه ثم نعى قبيح أفعالهم بقوله تعالى : ليثبت الخ تعريضا بأنهم متزلزلون ضالون موبخون منذرون بالخزي والنكال واللعن في الدنيا والآخرة وأن عذابهم في خلاف ذلك ليزيد في غيضهم وحنقهم وفي الكلام ما هو قريب من الأسلوب الحكيم أه فتأمل .
ولقد نعلم أنهم يقولون غير ما نقل عنهم من المقالة الشعناء إنما يعلمه أي يعلم النبي صلى الله عليه وسلّم القرآن وهو الذي يقتضيه ظاهر كلام قتادة ومجاهد : وغيرهما واختير كون الضمير للقرآن ليوافق ضمير أنزله أي يقولون إنما يعلم القرءان النبي E بشر على طريق البت مع ظهور أنه نزوله روح القدس عليه E وتأكيد الجملة لتحقيق ما تتضمنه من الوعيد وصيغة الإستقبال لإفادة استمرار العلم