تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا الخ بأن ثمة دليلا قائما على المجاز فترك الظاهر له بخلاف ما نحن فيه والظاهر أن المراد بالشيطان إبليس وأعوانه وقيل : هو عام في كل متمرد عات من جن وإنس وتوجيه الخطاب إلى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالإستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها لغيره E وفي سائر الأعمال الصالحة أهم فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم حيث أمر به عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فما الظن بمن عداه عليه الصلاة والصلام فيما عدا القراءة من الأعمال إنه الضمير للشأن أو للشيطان ليس له سلطان تسلط واستيلاء على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون .
99 .
- أي إليه تعالى لا إلى غيره سبحانه يفوضون أمورهم به ويعوذون فالمراد نفي التسلط بعد الإستعاذة فتكون الجملة تعليلا للأمر بها أو لجوابه المنوي أي أن يعذك ونحوه .
وقال البعض : المراد نفي ذلك مطلقا قال أبو حيان : وهو الذي يقتضيه ظاهر الإخبار وتعقب بأنه إذا لم يكن له تسلط فلم أمروا بالإستعاذة منه وأجيب بأن المراد نفي ما عظم من التسلط وقد أخرج ابن جرير وغيره عن سفيان الثوري أنه قال في الآية : ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر لهم والإستعاذة من المحتقرات فهم لا يطيعون أوامره ولا يقلبون وساوسه إلا فيما يحتقرونه على ندور وغفلة فأمروا بالإستعاذة منه لمزيد الإعتناء بحفظهم وقد ذهب إلى هذا البيضاوي ثم قال : فذكر السلطة بعد الأمر بالإستعاذة لئلا يتوهم منه أن له سلطانا .
وفي الكشف أن هذه الجملة جارية مجرى البيان للاستعاذة المأمور بها وأنه لا يكفي فيها مجرد القول الفارغ عن اللجأ إلى الله تعالى واللجأ إنما هو بالإيمان أولا والتوكل ثانيا وأياما كام فوجه ترك العطف ظاهر وإيثار صيغة الماضي في الصلة الأولى للدلالة على التحقيق كما أن اختيار صيغة الإستقبال في الثانية لافادة الإستمرار التجددي وفي التعرض لوصف الربوبية تأكيد لنفي السلطان عن المؤمنين المتوكلين .
إنما سلطانه على الذين يتولونه أي يجعلونه واليا عليهم فيحبونه ويطيعونه ويستجيبون دعوته فالمراد بالسلطان التسلط والولاية بالدعوة المستتبعة للإستجابة لا ما يعم ذلك والتسلط بالقسر والإلجاء فإن في جعل التولي صلة ما يفصح بنفي إرادة التسلط القسري فإن المقسور بمعزل عنه بهذا المعنى وقد نفى هذا أيضا عن الكفرة في قوله تعالى حكاية عن اللعين : وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي والذين هم به أي بسبب الشيطان وإغوائه إياهم مشركون .
100 .
- بالله تعالى وقيل : أي بإشراكهم الشيطان مشركون بالله تعالى وجوز أن يكون الضمير للرب تعالى شأنه والباء للتعدية وروي ذلك عن مجاهد ورجح الأول باتحاد الضمائر فيه مع تبادره إلى الذهن وفي إشارة العقل السليم ما يشعر باختيار الأخير وذكر فيه أيضا أن قصر سلطان اللعين على المذكورين غب نفيه عن المؤمنين المتوكلين دليل على أنه لا واسطة في الخارج بين التوكل على الله تعالى وتولي الشيطان وإن كان بينهما واسطة في المفهوم وأن من لم يتوكل عليه تعالى ينتظم في سلك من يتولى الشيطان من حيث لا يحتسب إذ به يتم التعليل ففيه مبالغة في الحمل على التوكل والتحذير عن مقابله .
وإيثار الجملة الفعلية الإستقبالية في الصلة الأولى لما مر آنفا والإسمية في الثانية للدلالة على الثابت وتكرير الموصول للإحتراز عن توهم كون الصلة حالية مفيدة لعدم دخول غير المشركين من أولياء الشيطان تحت سلطانه