والإلجاء كما قال إبليس : وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فكأنهم قالوا : ما عبدتمونا حقيقة وإنما عبدتم أهواءكم وقيل : يجوز أن يكون الشياطين كاذبين في إخبارهم بكذب من عبدهم كما كذب إبليس عليه اللعنة في قوله : أني كفرت بما أشركتموني من قبل وجوز أن يكون التكذيب راجعا إلى أنهم شركاء الله سبحانه لا إلى أنهم كانوا يعبدونهم ومرادهم تنزيه الله جل وعلا عن الشريك في ذلك الموقف وخص هذا بعضهم بتقدير إرادة الشياطين من الشركاء فافهم والظاهر أن قائل هذا جميع الشركاء ولا يمنع من ذلك تفسيره بما يعم الأصنام إذ لا بعد في أن ينطقها الله تعالى الذي أنطق كل شيء بذلك وجوز على التعميم أن يكون القائل بعضهم وهو من يعقل منهم وكان الظاهر فقالوا لهم إنكم لكاذبون إلا أنه عدل إلى ما في النظم الكريم للإشارة إلى أنهم قالوا ذلك لهم على وجه الإفصاح بحيث يدرك ويمتاز عن غيره وفيه من الإشعار بالحرص على تكذيبهم ما فيه ويؤيد ذلك تأكيدهم الجملة الدالة على تكذيبهم أتم تأكيد وهي في موضع البدل من القول كما قال الإمام أي ألقوا إليهم أنكم لكاذبون وألقوا أي الذين أشركوا وقيل : هم وشركاؤهم جميعا والأكثرون على الأول إلى الله يومئذ السلم الإستسلام والإنقياد لحكمه تعالى العزيز الغالب بعد الإباء والإستكبار في الدنيا فلم يكن لهم إذ ذاك حيلة ولا دفع وروي يعقوب عن أبي عمرو أنه قرأ السلم بإسكان اللام وقرأ مجاهد السلم بضم السين واللام وضل عنهم ضاع وبطل ما كانوا يفترون .
87 .
- من أن لله سبحانه شركاء وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين ما سمعوا .
هذا ومن باب الإشارة في الآيات .
ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون بنسبة ذلك إلى غيره سبحانه ورؤيته منه ليكفروا بما آتيناهم من النعمة بالغفلة عن منعمها فتمتعوا فسوف تعلمون وبال ذلك أو فسوف تعلمون بظهور التوحيد أن لا تأثير لغيره تعالى في شيء ويجعلون لما لا يعلمون فيعتقدون فيه من الجهالات ما يعتقدون وهو السوي نصيبا مما رزقناهم فيقولون هو أعطاني كذا ولم لم يعطني لكان كذا وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين الإشارة فيه على ما في أسرار القرآن إلى ما تشربه الأرواح مما يحصل في العقول الصافية بين النفس والقلب من زلال بحر المشاهدة وهناك منازل اعتبار المعتبرين والإشارة في قوله تعالى : ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا على ما فيه أيضا إلى ما تتخذه الأرواح والأسرار من ثمرات نخيل القلوب وأعناب العقول من خمر المحبة والإنس الآخذة بها إلى حضيرة القدس : ولو نضحوا منها ثرى قبر ميت لعادت إليه الروح وانتعش الجسم وأوحى ربك إلى النحل قيل أي نحل الأرواح أن اتخذي من الجبال أي جبال أنوار الذات بيوتا مقار لتسكنين فيها ومن الشجر أي ومن أشجار الصفات ومما يعرشون أنوار عروش الأفعال ثم كلي من كل الثمرات أي من ثمرات تلك الأشجار الصفاتية ونور بهاء الأنوار الذاتية وأزهار الأنوار الأفعالية فاسلكي سبل ربك وهي صحاري قدسه تعالى وبراري جلاله جل شأنه ذللا منقادة لما أمرت به يخرج من بطونها شراب وهو شراب معرفته تعالى بقدم جلاله وعز بقائه وتقدس ذاته سبحانه مختلف