الأدم والظاهر أنه لا يندرج في هذه البيوت البيوت المتخذة من الشعر والصوف والوبر وقال ابن سلام وغيره : بالإندراج لأنها من حيث أنها ثابتة على جلودها يصدق عليها أنها من جلودها واعترض بأن من على الأول تبعيضية وعلى إرادة البيوت التي من الشعر ونحوه ابتدائية فإذا عمم ذلك يلزم استعمال المشتركة في معنييه وأجيب بأن القائل بذلك لعله يرى جواز هذا الإستعمال وممن قال بذلك البيضاوي وهو شافعي وقيل : الجلود مجاز عن المجموع تستخفونها أي تجدونها خفيفة سهلة المأخذ فالسين ليست للطلب بل للوجدان كأحمدته وجدته محمودا يوم ظعنكم وقت ترحالكم في النقض والحمل ويوم إقامتكم ووقت نزولكم وإقامتكم في مسايركم حسبما يتفق في الضرب والبناء وجوز أن يكون المعنى تجدونها خفيفة في أوقات السفر وفي أوقات الحضر واختار ابن المنير الأول وقال : إنه التفسير لأن المنة في خفتها في السفر أتم وأقوى إذ لا يهم المقيم أمرها قال في الكشف : وهو حق وقال بعض الفضلاء : ينبغي أن يكون الثاني أولى للعموم فإن حالتي السفر اندرجتا في يوم ظعنكم حيث أريد به مقابل الحضر والخفة على المقيم نعمة في حقه أيضا فإنه يضربها وقد ينقلها من مكان قريب لداع يدعو إليه فالأولى أن لا تخلو الآية عن التعرض لذلك أه ولا يخفى أن الإندراج ظاهر إن أريد بالظعن مقابل الحضر واما إذا أريد به مقابل النزول كما سمعت فغير ظاهر .
نعم يجوز إرادة ذلك وقرأ الحرميان وأبو عمرو ظعنكم بفتح العين وباقي السبعة سكونها وهما لغتان والفتح على ما في المعالم أجزلهما وقيل : الأصل الفتح والسكون تخفيف لأجل حرف الحلق كالشعر والشعرة .
ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها عطف على قوله تعالى : ومن جلود والضمير للأنعام على وجه التنويع أي وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل وأشعار المعز أثاثا أي متاع البيت كالفرش وغيرهما كما قال المفضل قال الفراء : لا واحد له من لفظه كما أن المتاع كذلك ولو جمعت قلت : أثثة في القليل وأثث في الكثير وقال أبو زيد واحده أثاثة وأصله كما قال الخليل من قولهم : أثث النبات والشعر وهو أثيث إذا كثر قال امرؤ القيس : وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل ونصبه على أنه معطوف على بيوتا مفعول جعل فيكون مما عطف فيه جاز ومجرور مقدم ومنصوب على مثلهما نحو ضربت في الدار زيدا وفي الحجرة عمرا وهو جائز وليس بمستقبح كما زعم في تلإيضاح .
وجوز أن يكون نصبا على الحال فيكون من عطف الجار والمجرور فقط على مثله أي وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها حال كونها أثاثا وتعقبه السمين بأن المعنى ليس على هذا وهو ظاهر .
ومتاعا أي شيئا يتمتع به وينتفع في المتجر والمعاش قاله المفضل وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المتاع الزينة وقال الخليل : الأثاث والمتاع واحد والعطف لتنزيل تغاير اللفظ منزلة تغاير المعنى كما في قوله : .
وألفى قولها كذبا ومينا .
والأول أولى إلى حين .
80 .
- إلى انقضاء حاجاتكم منه وعن مقاتل إلى بلى ذلك وفناءه وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إلى الموت والكلام في ترتيب المفاعيل مثله فيما مر غير مرة