في جو السماء أي في الهواء المتباعد من الأرض والروح والسكال أبعد منه وقيل : الجو مسافة ما بين السماء والأرض والجوة لغة فيه وإضافته إلى السماء لما أنه في جانبها من الناظر ولإظهار كمال القدرة وعن السدي تفسير الجو بالجوف وفسرت السماء على هذا بجهة العلو والطير قد يطير في هذه الجهة حتى يغيب عن النظر ولم يعلم منتهى ارتفاعه في الطيران إلا الله تعالى وعن كعب أن الطير لا ترتفع أكثر من اثني عشر ميلا .
ما يمسكهن في الجو عن الوقوع إلا الله D بقدرته الواسعة فإن ثقل جسدها ورقة الهواء يقتضيان سقوطها ولا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها والجملة إما حال من الضمير المستتر في مسخرات أو من الطير وإما مستأنفة أن في ذلك الذي ذكر من التسخير في الجو والإمساك فيه وقيل : المشار إليه ما اشتملت عليه هذه الآية والتي قبلها لآيات دالة على كمال قدرته جل شأنه لقوم يؤمنون .
79 .
- أي من شأنهم أن يؤمنوا وخص ذلك بهم لأنهم المنتفعون به واقتصر الإمام على جعل المشار إليه ما في هذه الآية قال : وهذا دليل على كمال قدرة الله تعالى وحكمته سبحانه فإنه جل شأنه خلق الطائر خلقة معها يمكنه الطيران إن أعطاه جناحا يبسطه مرة ويكنه أخرى مثل ما يعمل السابح في الماء وخلق الجو خلقة معها يمكن الطيران خلقه خلقة لطيفة يسهل بسببها خرقه والنفاذ فيه ولو لا ذلك لما كان الطبراني ممكنا أه .
وكذا المولى أبو السعود قال : إن في ذلك الذي ذكر من تسخير الطير للطيران بأن خلقها خلقة تتمكن بها منه بأن جعل لها أجنحة خفيفة وأذنابا كذلك وجعل أجسادها من الخفة بحيث إذا بسطت أجنحتها وأذنابها لا يطيق ثقلها أن يخرق ما تحتها من الهواء الرقيق القوام وتخترق ما بين يديها من الهواء لأنها لا تلاقيه بحجم كبير لآيات ظاهرة وذكر أن تسخيرها بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المساعدة وتعقب ذلك أبو حيان بقوله : والذي نقوله أنه كان يمكن الطائر أن يطير ولو لم يخلق له جناح وإنه كان يمكنه خرق الشيء الكثيف وذلك بقدرة الله تعالى ولا نقول : إنه لو لا الجناح ولطف الجو والآلات ما أمكن الطيران أه وأنا لا أظن أن أحدا ينفي الإمكان الذاتي للطيران بدون الجناح مثلا لكن لا يبعد نفيه بدون لطف المطار والكثيف متى خرق كان المطار لطيفا فافهم واستدل بالآية على أن العبد خالق لأفعاله وأولها القاضي وهو ارتكاب لخلاف الظاهر لغير دليل .
والله جعل لكم معطوف على ما مر وتقديم لكم على ما بعده للتشويق والإيذان من أول الأمر بأن هذا الجعل لمنفعتهم وقوله تعالى من بيوتكم تبيين لذلك المجعول المبهم في الجملة وتأكيد لما سبق من التشويق والإضافة للعهد أي من بيوتكم المعهودة التي تبنونها من الحجر والمدر والأخشاب سكنا فعل بمعنى مفعول كنقض وأنشد الفراء .
جاء الشتاء ولما أتخذ سكنا يلوج نفسي من حفر القراميص وليس بمصدر كما ذهب إليه ابن عطية أي موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم وجوز أن يكون المعنى تسكنون إليه من غير أن ينتقل من مكانه أي جعل بعض بيوتكم بحيث تسكنون إليه وتطمئنون به .
وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا أي بيوتا أخر مغايرة لبيوتكم المعهودة وهي القباب المتخذة من