بعد الطلب بل يقع في الخبر ويكثر في التشبيه حتى خصه بعضهم به وفي شرح الهادي أعلم أن التخيير والإباحة مختصان بالأمر إذ لا معنى لهما في الخبر كما أن الشك والإبهام مختصان بالخبر وقد جاءت الإباحة في غير الأمر كقوله تعالى : كمثل الذي استوقد نارا إلى قوله سبحانه : أو كصيب من السماء أي بأي هذين شبهت فأنت مصيب وكذا إن شبهت بهما جميعا ومثله في الشعر كثير وقيل : إن المراد تخيير المخاطب بعد فرض الطلب والسؤال فلا حاجة إلى البناء على ما ذكر وهو كما ترى وزعم بعضهم أن التخيير مشكل من جهة أخرى وهي أن أحد الأمرين من كونه كلمح البصر أو أقرب غير مطابق للواقع فكيف يخير الله تعالى بين ما لا يطابقه وفيه أن المراد التخيير في التشبيه وأي ضرر في عدم وقوع المشبه به بل قد يستحسن فيه عدم الوقوع كما في قوله أعلام ياقوت نشرن .
على رماح زبرجد : وقال ابن عطية : هي للشك على بابها على معنى أنه لو اتفق أن يقف على أمرها شخص من البشر لكانت من السرعة بحيث يشك هل هو كلمح البصر أو أقرب وتعقبه في البحر بأن الشك بعيد لأن هذا إخبار من الله تعالى عن أمر الساعة والشك مستحيل عليه سبحانه أي فلا بد أن يكون ذلك بالنسبة إلى غير المتكلم وفي ارتكابه بعد ويدل على أن هذا مراده تعليله البعد بالإستحالة فليس اعتراضه مما يقتضي منه العجب كما توهم وقال الزجاج : هي للإبهام وتعقب بأنه لا فائدة في إبهام أمرها في السرعة وإنما الفائدة في إبهام وقت مجيئها وأجيب بأن المراد أنه يستبهم على من يشاهد سرعتها هل هي كلمح البصر أو أقل فتدبر والمأثور عن ابن جريج أنها بمعنى بل وعليه كثيرون والمراد ثمثيل سرعة مجيئها واستقرابه على وجه المبالغة وقد كثر في النظم مثل هذه المبالغة ومنه قول الشاعر : قالت له البرق وقالت له الريح جميعا وهما ما هما أأنت تجري معنا قال أن نشطت أضحكتكما منكما إن ارتداد الطرف قد فته إلى المدى سبقا فمن أنتما وقيل : المعنى وما أمر إقامة الساعة المختص علمها سبحانه وهي إماتة الأحياء وإحياء الأموات من الأولين والآخرين وتبديل صور الأكوان أجمعين وقد أنكرها المنكرون وجعلوها من قبيل ما لا يدخل تحت دائرة الإمكان في سرعة وسهولة التأتي إلا كلمح البصر أو هو أقرب على ما مر من الأقوال في أو إن الله على كل شيء قدير .
77 .
- ومن جملة الأشياء أن يجيء بها في أسرع ما يكون فهو قادر على ذلك وتقول على الثاني : ومن جملة ذلك أمر إقامتها فهو سبحانه قادر عليه فالجملة في موضع التعليل وفي الكشف على تقدير عموم الغيب وشموله لجميع ما غاب في السماوات والأرض أن قوله تعالى : وما أمر الساعة كالمستفاد من الأول وهو كالتمهيد له أي يختص به علم كل غيب الساعة وغيرها فهو الآتي بها للعلم والقدرة ولهذا عقب بقوله سبحانه : إن الله الخ وأما إذا أريد بالغيب الساعة فهو ظاهر أه ولا يخفى الحال على القول بأن المراد بالغيب ما في قوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث الآية وعلى القول الأخير في الغيب يكون ذكر الساعة من وضع الظاهر موضع الضمير لتقوية مضمون الجملة .
والله أخرجكم من بطون أمهاتكم عطف على قوله تعالى : والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا