أن من ثمراتها ما يؤكل قبل الإدراك وما يتلف ويأكل الوحوش وغير ذلك أه وما ذكره في التأويل من بيان البيان عند سكرا محوج إلى جعل رزقا معمولا لعامل آخر ولا يخفى بعده والظاهر أنه لا ينكره وما ذكره من الوجه الأظهر ذكره الجوفي كصاحبه ولا يرد عليه أن فيه حذف الموصوف بالجملة لأن ذلك إذا كان الموصوف بعضا من مجرور من أوفى المقدم عليه مطرد نحو منا أقام ومنا ظعن أراد فريق وقد يحذف موصوفا بالجملة في غير ذلك كقول الراجز : مالك عندي غير سهم وحجر .
وغير كبداء شديد الوتر .
جادت بكفي كان من أرمي البشر أراد رجل نعم قال الطبري : التقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه وتعقبه أبو حيان بأن ذلك لا يجوز على مذهب البصريين وكأنه اعتبر ما موصولة وحذف الموصول مع إبقاء الصلة لا يجوز عنهم ولعلهم يفرقون بين الموصول والموصوف فيما ذكر وقال العلامة ابن كمال في بعض رسائله : لا وجه لما اختاره صاحب الكشاف يغني به تعليق الجار بنسقيكم محذوفا وتقدير العصر مضافا لأنه حينئذ لا يتناول المأكول وهو أعظم صنفي ثمراتهما يعني النخيل والأعناب والمقام والإمتنان ومقتضاه استيعاب الصنفين ثم قال : والعجب منه وممن اتبعه كالبيضاوي كيف اتفقوا على تفسير الرزق الحسن بما ينتظم التمر والزبيب ومع ذلك يقولون : إن المعنى ومن عصيرهما تتخذون سكرا ورزقا حسنا فإنه لا انتظام بين هذين الكلامين فالوجه أن يتعلق الجار بتتخذون ويكون منه تكرير الظرف للتأكيد أه وهو الذي استظهره أبو حيان وقد سبقت الإشارة إلى الإعتراض بما تعجب منه مع الجواب بما فيه بعد ونقل عنه أنه جعل متعلقا بما في الإسقاء من معنى الإطعام أي نطعمكم من ثمرات النخيل والأعناب لينتظم المأكول منهما والمشروب المتخذ من عصيرهما وفيه من البعد ما فيه .
وأنت تعلم أن تقدير العصير على الوجه الأول عند من يراه لازم وتقديره على الوجه الثاني جائز عند ذاك أيضا ولا يجوز عند المعترض واختار أبو البقاء تعليقه بخلق لكم أو جعل وليس بذاك وقيل : إنه معطوف على الإنعام على معنى ومن ثمرات النخيل والأعناب عبرة وتتخذون بيان لها وهو غير الوجه الذي استظهره صاحب الكشف وكان الظاهر في بدل من ضمير منه لا يتعين فيه ما سمعت كما لا يخفى عليك بعد أن أحطت خبرا بما قيل في ضمير بطونه وتفسير السكر بالخمر هو المروي عن ابن مسعود وابن عمر وأبي رزين والحسن ومجاهد والشعبي والنخعي وابن أبي ليسلى وأبي ثور والكلبي وابن جبير مع خلق آخرين والآية نزلت في مكة والخمر إذ ذاك كانت حلالا يشربها البر والفاجر وتحريمها إنما كان بالمدينة إتفاقا واختلفوا في أنه قبل أحد أو بعدها والآية المحرمة لها يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه على ما ذهب إليه جمع فما هنا منسوخ بها وروي ذلك غير واحد ممن تقدم كالنخعي وأبي ثور وابن جبير وقيل : نزلت قبل ولا نسخ بناء على ما روي عن ابن عباس أن السكر هو الخل بلغة الحبشة أو على ما نقل عن أبي عبيدة أن السكر المطعوم المتفكه به كالنقل وأنشد .
جعلت إعراض الكرام سكرا .
وتعقب بأن كون السكر في ذلك بمعنى الخمر أشبه منه بالطعام والمعنى أنه لشغفه بالغيبة وتمزيق الأعراض جرى ذلك عنده مجرى الخمر المسكرة وكأنه لهذا قال الزجاج : إن قول أبي عبيدة لا يصح وفيه أن المعروف في الغيبة جعلها نقلا ولذا قيل : الغيبة فاكهة القراء وإلى عدم النسخ ذهب الحنفيون وقالوا : المراد بالسكر ما لا يسكر من الأنبذة واستدلوا عليه بأن الله تعالى امتن على عباده بما خلق لهم من ذلك ولا يقع الإمتنان إلا بمحلل فيكون ذلك دليلا على جواز شرب ما دون المسكر