على تراخي رتبة ما يترتب عليه من مفاجآت الإشراك فإن ترتبها على ذلك في أبعد غاية من الضلال .
وفي الكشف متعقبا صاحب الكشاف بأنه لم يذكر وجه الكلام في قوله تعالى : ثم إذا مسكم ثم إذا كشف وهو على وجهين والله تعالى أعلم أحدهما أن يكون قوله سبحانه وما بكم من نعمة فمن الله من تتمة السابق على معنى إنكار اتقاء غير الله تعالى وقد علموا أن كل ما يتقلبون فيه من نعمته فهو سبحانه القادر على سلبها ثم أنكر عليهم تخصيصهم بالجؤار عند الضر في مقابلة تخصيص غيره بالإتقاء ثم إشراكهم به تعالى كفرانا لتلك النعمة وجيء بثم لتفاوت الإنكارين فإن اتقاء غير المنعم أقرب من الإغراض عنه وهو متقلب في نعمه ثم اللجأ إلى هذا المكفور به وحده عند الحاجة وأبعد منه الإعراض ولم يجف قدمه من ندى النجاة .
والثاني أن يكون جملة مستقلة واردة للتقريع و ثم في الأول لتراخي الزمان إشعارا بأنهم غمطوا تلك النعم ولم يزالوا عليه إلى وقت الإلجاء وفيه الإشعار بتراخي الرتبة أيضا على سبيل الإشارة وفي الثاني لتراخي الرتبة وحده أه وهو كلام نفيس وللطيبي كلام طويل في المقام إن أردته فارجع إليه .
وقرأ الزهري ثم إذا كاشف وفاعل هنا بمعنى فعل وفي الآية ما يدل على أن صنيع أكثر العوام اليوم من الجواز إلى غيره تعالى ممن لا يملك لهم بل ولا لنفسه نفعا ولا ضرا عند إصابة الضر لهم وإعراضهم عن دعائه تعالى عند ذلك بالكلية سفه عظيم وضلال جديد لكنه أشد من الضلال القديم ومما تقشعر منه الجلود وتصعر له الخدود الكفرة أصحاب الأخدود فضلا عن المؤمنين باليوم الموعود إن بعض المتشيخين قال لي وأنا صغير : إياك ثم إياك أن تستغيث بالله تعالى إذا خطب دهان فإن الله تعالى لا يجعل في إغاثتك ولا يهمه سوء حالتك وعليك بالإستغاثة بالأولياء السالفين فأنهم يجعلون في تفريج كربك ويهمهم سوء ما حل بك فمج ذلك سمعي وهمي دمعي وسألت الله تعالى أن يعصمني والمسلمين من أمثال هذا الضلال المبين ولكثير من المتشيخين اليوم كلمات مثل ذلك ليكفروا بما ءاتيناهم من نعمة الكشف عنهم فالكفر بمعنى كفران النعمة واللام لام العاقبة والصيرورة وهي استعارة تبعية فإنه لما لم ينتج كفرهم وإشراكهم غير كفران ما أنعم الله تعالى به عليهم جعل كأنه علة غائبة له مقصودة منه وجوز أن يكون الكفر بمعنى الجحود أي إنكار كون تلك النعمة من الله تعالى واللام هي اللام والمعنيان متقاربان فتمتعوا أمر تهديد كما هو أحد معاني الأمر المجازية عند الجمهور كما يقول السيد لعبده افعل ما تريد والإلتفات إلى الخطاب للإيذان بتناهي السخط .
وقرأ أبو العالية فيتمتعوا بضم الياء التحتية ساكن الميم مفتوح التاء مضارع متع مخففا مبنيا للمفعول وروي ذلك مكحول الشامي عن أبي رافع مولى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو معطوف يكفروا على أن يكون الأمران عرضا لهم من الإشراك ويجوز أن يكون لام ليكفروا لام الأمر والمقصود منه التهديد بتخليتهم وما هم فيه لخذلانهم فالفاء واقعة في جواب الأمر وما بعدها منصوب بإسقاط النون ويجوز جزمه بالعطف أيضا كما ينصب بالعطف إذا كانت اللام جارة فسوف تعلمون .
55 .
- عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب وفيه وعيد شديد حيت لم يذكر المفعول إشعارا بأنه لا يوصف وقرأ أبو العالية أيضا يعلمون بالياء التحتية وروي ذلك مكحول عن أبي رافع أيضا ويجعلون قيل معطوف على يشركون وليس بشيء وقيل : لعله عطف على