مقابلة للباطل بمثله لكن منعني الحياء من الله تعالى والإشتغال بخدمة كلامه سبحانه والعلم بأن تلك الخرافات لا تروج إلا عند من سلب من الإدراك والتحق بالجمادات وقال الواسطي في الآية : المعنى يخلق فيكم من الأفعال ما لا تعلمون أنها لكم أم عليكم وعلى الله قصد السبيل أي السبيل القصد وهو التوحيد ومنها جائر وهو ما عدا ذلك ولو شاء لهداكم أجمعين لكنه لم يشأ لعدم استعدادكم ولتظهر صفات جماله وجلاله سبحانه : وألقى في الأرض رواسي وهم الأوتاد أرباب التمكين أن تميد بكم أي تضطرب ومن الكلام المشهور على الألسنة لو خلت قلبت وأنهارا وهم العلماء الذين تحيا بفرات علومهم أشجار القلوب وسبلا وهم المرشدون الداعون إليه تعالى وعلامات وهي الآيات الآفاقية الأنفسية وبالنجم هم يهتدون وهي الأنوار التي تلوح للسالك من عالم الغيب .
وقال بعضهم : ألقى في أرض القلوب رواسي العلوم الغيبية والمعارف السرمدية وأجرى فيها أنهار أنوار المعرفة والمكاشفة والمحبة والشوق والعشق والحكمة والفطنة وأوضح سبلا للأرواح والعقول والأسرار فسبيل الأرواح إلى أنوار الصفات وسبيل العقول إلى أنوار الآيات وسبيل الأسرار إلى أنوار الذات والسبل في الحقيقة غير متناهية ومن كلامهم الطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق والعلامات في الظاهر أنوار الأفعال للعموم وأخص العلامات في العالم الأولياء والنجوم أهل المعارف الذين يسبحون في أفلاك الديمومة بأرواحهم وقلوبهم وأسرارهم من اقتدى بهم يهتدي إلى مقصوده الأبدي وفي الحديث أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم اهتديتم والمراد بهم خواصهم ليتأتى الخطاب ويجوز أن يراد كلهم والخطاب لنا ولا مانع من ذلك على مشرب القوم والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ما أعظمها آية في النعي على من يستغيث بغير الله تعالى من الجمادات والأموات ويطلب منه ما لا يستطيع جلبه لنفسه أو دفعه عنها .
وقال بعض أكابر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم : إن الإستغاثة بالأولياء محظورة إلا من عارف يميز بين الحدوث والقدم فيستغيث بالولي لا من حيث نفسه بل من حيث ظهور الحث فيه فإن ذلك غير محظور لأنه استغاثة بالحق حينئذ وأنا أقول إذا كان الأمر كذلك فما الداعي للعدول عن الإستغاثة بالحق من أول الأمر وأيضا إذا ساغت الإستغاثة بالولي من هذه الحيثية فلتسغ الصلاة والصوم وسائر أنواع العبادة له من تلك الحيثية أيضا ولعل القائل بذلك قائل بهذا بل قد رأيت لبعضهم ما يكون هذا القول بالنسبة إليه تسبيح ولا يكاد يجري قلمي أو يفتح فمي بذكره فالطريق المأمون عند كل رشيد قصر الإستغاثة والإستعانة على الله D فهو سبحانه الحي القادر العالم بمصالح عباده فإياك والإنتظام في سلك الذين يرجون النفع من غيره تعالى الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ذكروا أن السابقين الموحدين يتوفاهم الله تعالى بذاته وأما الأبرار والسعداء فقسمان فمن ترقى عن مقام النفس بالتجرد ووصل إلى مقام القلب بالعلوم والفضائل يتوفاهم ملك الموت ومن كان في مقام النفس من العباد والصلحاء والزهاد والمتشرعين لم يتجردوا عن علائق البدن بالتحلية والتخلية تتوفاهم ملائكة الرحمة وأما الأشرار الأشقياء فتتوفاهم الملائكة أيضا ولكن ملائكة العذاب ويتشكلون لهم على صورة أخلاقهم الذميمة كما يتشكل ملائكة الرحمة لمن تقدم على صورة أخلاقهم الحسنة الذين تتوفاهم الملائكة طيبين طابت نفوسهم في خدمة مولاها وطابت قلوبهم في محبة