رسلا إلى الملائكة أو إلى الأنبياء عليهم السلام لا للدعوى العامة وهو المدعي كما علمت فالرسول إما بالمعنى المصطلح أو بالمعنى اللغوي وقال الجبائي : إن الملائكة عليهم السلام لم يبعثوا إلى الأنبياء عليهم السلام إلا ممثلين بصور الرجال ورد بما روى أن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام على صورته التي هو عليها مرتين وهو وارد على الحصر المقتضي للعموم فلا يرد عليه أنه لا دلالة فيما روى على رؤية من قبل نبينا عليه الصلاة والصلام لجبريل عليه السلام على صورته مع أنه إذا ثبت ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يثبت أنه من خصوصياته E فلا مانع من ثبوته لغيره قاله الشهاب وذكر أنه ثقل الإمام عن القاضي أن مراد الجبائي أنهم لم يبعثوا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بحضرة أممهم إلا وهم على صور الرجال كما روي أن جبريل عليه السلام حضر عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمحضر من أصحابه في صورة دحية الكلبي وفي صورة سراقة وفي صورة أعرابي لم يعرفوه واستدل بها أيضا على وجوب المراجعة للعلماء فيما لا يعلم .
وفي الإكليل للجلال السيوطي أنه استدل بها على جواز تقليد العامي في الفروع وأنظر التقييد بالفروع فإن الظاهر العموم لا سيما إذا قلنا إن المسئلة المأمورين بالمراجعة فيها والسؤال عنها من الأصول ويؤيد ذلك ما نقل عن الجلال المحلي أنه يلزم غير المجتهد عاميا كان أو غيره التقليد للمجتهد لقوله تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون والصحيح أنه لا فرق بين المسائل الإعتقادية وغيرها وبين أن يكون المجتهد حيا أو ميتا أه .
وصحح هو وغيره امتناع التقليد على المجتهد مطلقا سواء كان له قاطع أو لا وسواء كان مجتهدا بالفعل أو له أهلية الإجتهاد ومقتضى كلامهم أنه لا فرق بين تقليد أحد أئمة المذاهب الأربع وتقليد غيره من المجتهدين نعم ذكر العلامة ابن حجر وغيره أنه يشترط في تقليد الغير أن يكون مذهبه مدونا محفوظ الشروط والمعتبرات فقول السبكي : إن مخالف الأربعة كمخالف الإجماع محمول على مالم يحفظ ولم تعرف شروطه وسائر معتبراته من المذاهب التي انقطع حملتها وفقدت كتبها كمذهب الثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وغيرهم ثم إن تقليد الغير بشرطه إنما يجوز في العمل وأما للإفتاء والقضاء فيتعين أحد المذاهب الأربع واستشكل الفرق العلامة ابن قاسم العبادي وأجيب بأنه يحتمل أن يكون الفرق أنه يحتاط فيهما لتعديهما ما لا يحتاط في العمل فيتركان لأدنى محذور ولو محتملا ونظير ذلك ما ذكره بعض الشافعية في القولين المتكافئين أنه لا يفتي ولا يقضي بكل منهما لاحتمال كونه مرجوحا ويجوز العمل به وذكر الإمام أن من الناس من جوز التقليد للمجتهد لهذه الآية فقال : لما لم يكن أحد المجتهدين عالما وجب عليه الرجوع إلى المجتهد العالم لقوله تعالى : فاسألوا الآية فإن لم يجب فلا أقل من الجواز وأيد ذلك بأن بعض المجتهدين نقلوا مذاهب بعض الصحابة وأقروا الحكم عليها والصحيح ما سمعت أولا وما ذكر ليس بتقليد بل هو من باب موافقة الإجتهاد الإجتهاد واحتج بها أيضا نفاة القياس فقالوا : المكلف إذا نزلت به واقعة فإن كان عالما يحكمها لم يجز له القياس وإلا وجب عليه سؤال من كان عالما بها بظاهر الآية ولو كان القياس حجة لما وجب عليه السؤال لأجل أنه يمكنه استنباط ذلك الحكم بالقياس فثبت أن تجويز العمل بالقياس يوجب ترك العمل بظاهر الآية فوجب أن لا يجوز وأجيب بأنه ثبت جواز العمل بالقياس بإجماع الصحابة والإجماع أقوى من هذا الدليل .
وقال بعضهم : إذا كان المكلف ممن يقدر على القياس كان ممن يعلم فلا يجب عليه السؤال فتأمل .
بالبينات والزبر أي بالمعجزات والكتب والأولى للدلالة على الصدق والثانية لبيان الشرائع والتكاليف