نحو ما مر آنفا وقيل : ما مصدرية وضمير به للرسول E وإن لم يذكر والمراد أحاط بهم جزاء استهزائهم بالرسول صلى الله عليه وسلّم أو موصولة عامة للرسول E وغيره وضمير به عائد عليها والمعنى على الجزاء أيضا ولا يخفى ما فيه وإياما كان فبه متعلق بيستهزئون قدم للقاصلة هذا ثم أن قوله تعالى : هل ينظرون الخ على ما في الكشف رجوع إلى عد ما هم فيه من العناد والإستشراء في الفساد وأنهم لا يقلعون عن ذلك كأسلافهم الغابرين إلى يوم التناد وما وقع من أحوال أضدادهم في البين كان لزيادة التحسير والتبكيت والتخسير وفيه دلالة على أن الحجة قد تمت وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أدى ما عليه من البلاغ المبين وقوله تعالى : فأصابهم عطف على فعل الذين من قبلهم مترتب إذ المعنى كذلك التكذيب والشرك فعل أسلافهم وأصابهم ما أصابهم وفيه تحذير مما فعله هؤلاء وتذكير لقوله سبحانه : قد مكر الذين من قبلهم ولا يخفى حسن الترتب على ذلك لأن التكذيب والشرك تسببا لإصابة السيئات لمن قبلهم وقوله سبحانه : وما ظلمهم الله اعتراض واقع حاق موقعه وجعل ذلك راجعل إلى المفهول من قوله تعالى : هل ينظرون أي كذلك كان من قبلهم مكذبين لزمتهم الحجة منتظرين فأصابهم ما كانوا منتظرين سديد حسن إلا أن معتمد الكلام الأول وهو أقرب مأخذا ودلالة فعل عليه أظهر فهذه فذلكة ضمنت محصل ما قابلوا به تلك النعم والبصائر وأدمج فيها تسليته صلى الله تعالى عليه وسلم والبشرى بقلب الدائرة على من تربص به وبأصحابه E الدوائر وختمت بما يدل على أنهم أنطقوا فاحتجوا بآخر ما يحتج به المحجوج يتقلب عليه فلا يبصر إلا وهو مثلوج مشجوج وهو ما تضمنه قوله تعالى : وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء فهو من تتمة قوله سبحانه : هل ينظرون ألا ترى كيف ختم بنحوه آخر مجادلاتهم في سورة الأنعام في قوله سبحانه : سيقول الذين أشركوا وكذلك في سورة الزخرف ولا تراهم يتشبثون بالمشيئة إلا عند انخزال الحجة وقالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ويكفي في الإنقلاب ما يشير إليه قوله سبحانه : قل فلله الحجة البالغة وفي إرشاد العقل السليم أن هذه الآية بيان لفن آخر من كفر أهل مكة فهم المراد بالوصول والعدول عن الضمير إليه لتقريعهم بما في حيز الصلة وذمهم بذلك من أول الأمر والمعنى لو شاء الله تعالى عدم عبادتنا لشيء غيره سبحانه كما تقول ما عبدنا ذلك نحن ولا آباؤنا الذين نهتدي بهم في ديننا ولا حرمنا من دونه من شيء من السوائب والبحار وغيرها فمن الأولى بيانية والثانية زائدة لتأكيد الإستغراق وكذا الثالثة ونحن لتأكيد ضمير عبدنا لا لتصحيح العطف لوجود الفاصل وإن كان محسنا له وتقدير مفعول شاء عدم العبادة مما صرح به بعضهم وكأن الظاهر أن يضم إليهم عدم التحريم واعترض تقدير ذلك بأن العدم لا يحتاج إلى المشيئة كما ينبيء عند قوله A : ما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن حيث لم يقل عليه الصلاة والصلام ما شاء الله تعالى كان وما شاء عدم كونه لم يكن بل يكفي فيه عدم مشيئة الوجود وهو معنى قولهم : علة العدم عدم علة الوجود فالأولى أن يقدر المفعول وجوديا كالتوحيد والتحليل وكامتثال ما جئت به والأمر في ذلك سهل .
وفي تخصيص الإشراك والتحريم بالنفي لأنهما أعظم وأشهر ما هم عليه وغرضهم من ذلك كما قال بعض المحققين تكذيب الرسول E والطعن في الرسالة رأسا فإن حاصله إن ما شاء الله تعالى يجب والم يشأ يمتنع فلو أنه سبحانه شاء أن نوحده ولا نشرك به شيئا ونحلل ما أحله ولا نحرم شيئا مما حرمنا كما تقول الرسل