من المفسرين وقال مقاتل والحسن : إن ذلك يوم القيامة والمراد من التوفي وفاة الحشر أعني تسليم أجسادهم وإصالها إلى موقف الحشر من توفي الشيء إذا أخذه وافيا وجوز حمل التوفي على المعنى المتعارف مع كون القول يوم القيامة إما يجعل الذين تتوفاهم الملائكة يقولون مبتدأ وخبر أو يجعل يقولون حالا مقدرة من الملائكة والذين على حاله أو لا وحال ذلك لا يخفى بما كنتم تعملون .
32 .
- أي بسبب ثباتكم على التقوى والطاعة بالذي كنتم تعملونه من ذلك والباء للسببية العادية وهي فيما في الصحيحين من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : لن يدخل الجنة أحدكم بعمله الحديث للسببية الحقيقية فلا تعارض بين الآية والحديث وبعضهم جعل الباء للمقابلة دفعا للتعارض هل ينظرون أي ما ينتظر كفار مكة المار ذكرهم إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم كما روي عن قتادة ومجاهد وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وطلحة والأعمش يأتيهم بالياء أخر الحروف أو يأتي أمر ربك أي يوم القيامة كما روي عمن تقدم أيضا وقال بعضهم : المراد به العذاب الدنيوي دونها لا لأن انتظارها يجامع انتظار إتيان الملائكة فلا يلائمه العطف بأولا لأنها ليست نصا في العناد إذ يجوز أن يعتبر منع الخلو ويراد بإيرادها كفاية كل واحد من الأمرين في عذابهم بل لأن قوله تعالى فيما سيأتي إن شاء الله تعالى : ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم الآية صريح في أن المراد به ما أصابهم من العذاب الدنيوي وفيه منع ظاهر ويؤيد إرادة الأول التعبير بيأتي دون يأتيهم وقيل : المراد بإتيان الملائكة إتيانهم للشهادة بصدق النبي صلى الله عليه وسلّم أي ما ينتظرون في تصديقك إلا أن تنزل الملائكة تشهد بنبوتك فهو كقوله تعالى : لو لا أنزل عليه ملك والجمهور على الأول وجعلوا منتظرين ولذلك مجازا لأنه يلحقهم لحوق الأمر المنتظر كما قيل .
واختير أن ذلك لمباشرتهم أسباب العذاب الموجبة له المؤدية إليه فكأنهم يقصدون إيتاءه ويتصدون لوروده ولا يخفى ما في التعبير بالرب وإضافته إلى ضميره A من اللطف به E وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى وجه ربط الآيات كذلك أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب فعل الذين خلوا من قبلهم من الأمم وما ظلمهم الله إذا أصابهم جزاء فعلهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
33 .
- بالإستمرار على فعل القبائح المؤدي لذلك قيل : وكان الظاهر أن يقال : ولكن كانوا هم الظالمين كما في سورة الزخرف لكنه أوثر ما عليه النظم الكريم لإفادة أن غائلة ظلمهم آيلة إليهم وعاقبته مقصورة عليهم مع استلزامهم اقتصار ظلم كل أحد على نفسه من حيث الوقوع اقتصاره عليه من حيث الصدور فأصابهم سيئات ما عملوا أي أجزية أعمالهم السيئة على طريقة إطلاق اسم السبب على المسبب إيذانا بفظاعته وقيل : الكلام على حذف المضاف .
وتعقب بأنه يوهم أن لهم أعمالا غير سيئة والتزم ومثل ذلك بنحو صلة الأرحام ولا يخفى أن المعنى ليس على التخصيص والداعي إلى ارتكاب أحد الأمرين أن الكلام بظاهره يدل على أن ما أصابهم سيئة وليس بها .
وقد يستغنى عن ارتكاب ذلك لما ذكر بأن ما يدل عليه الظاهر من باب المشاكلة كما في قوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها كما في الكشاف وحاف بهم أي أحاط بهم وأصل معنى الحيق الإحاطة مطلقا ثم خص في الإستعمال بإحاطة الشر فلا يقال : أحاطت به النعمة بل النقمة وهذا أبلغ وأفضع من أصابهم ما كانوا به يستهزؤن .
34 .
- أي من العذاب كما قيل علي أن ما موصولة عبارة عن العذاب وليس في الكلام حذف ولا ارتكاب مجاز على