من البياض والسواد وغيرهما والأول أبلغ أي ذلك مسخر لله تعالى أو لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات أو جعل ذلك مختلف الألوان والأصناف لتتمتعوا بأي صنف شئتم منه وذهب بعضهم إلى أن الموصوف معطوف على الليل وقيل عليه : إن في ذلك شبه التكرار بناء على أن اللام في لكم للنفع وقد فسر سخر لكم لنفعكم فمآل المعنى نفعكم بما خلق لنفعكم فالأولى جعله في محل نصب بفعل محذوف أي خلق أو أنبت كما قاله أبو البقاء ويجعل مختلفا حالا من مفعوله واعتذر بأن الخلق للإنسان لا يستلزم التسخير لزوما عقليا فإن الغرض قد يتخلف مع أن اإعادة لطول العهد لا تنكر ورد بأنه غفلة عن كون المعنى نفعكم وما ذكر علاوة مبني على كون لكم متعلقة بسخر أيضا وهي عند ذلك الذاهب متعلقة كما هو الظاهر بذر أو في الحواشي الشهابية أن هذا ليس بشيء لأن التكرار لما ذكر وللتأكيد أمر سهل وكون المعنى نفعكم لا يأباه مع أن هذه الآية سيقت كالفذلكة لما قبلها ولذا ختمت بالتذكر وليس لمن يميز بين الشمال واليمين أن يقول : ما مبتدأ و مختلفا حال من ضميره المحذوف وجملة قوله تعالى : إن في ذلك لآية لقوم يذكرون .
13 .
- خبره والرابط اسم الإشارة على حد ما قيل في قوله تعالى : ولباس التقوى ذلك خير كأنه قيل وما ذرأه لكم من الأرض إن فيه لآية وحاصله إن فيما ذرأ لآية لظهور مخالفة الآية عليه السباق والسياق بل عدم لياقته لأن يكون محملا لكلام الله تعالى الجليل أظهر من أن ينبه عليه و ألوانه على ألوان الإحتمالات مرفوع بمختلفا وقدر بعضهم ليصح رفعه به موصوفا وقال : أي صنفا مختلفا ألوانه وهو مما لا حاجة إليه كما يخفى على من له أدنى تدرب في علم النحو ثم إن المشار إليه ما ذكر من التسخير ونحوه وقيل : اختلاف الألوان وتنوين آية للتفخيم آية فخيمة بينة الدلالة على أن من هذا شأنه واحد لا ينبغي أن يشبه شيء في شيء وختم الآية بالتذكر إما لما في الحواشي الشهابية من أنها كالفذلكة لما قبلها وإما للإشارة إلى أن الأمر ظاهر جدا غير محتاج إلى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية وقال بعضهم : يذكرون أن اختلاف طبائع ما ذكر وهيآته وأشكاله مع اتحاد مادته يدل على الفاعل الحكيم المختار وهو ظاهر في أن ما ذكر دليل على إثبات وجود الصانع كما أنه دليل على وحدانيته وهو الذي إليه الإمام واقتدى به غيره ولم يرتضه شيخ الإسلام بناء على أن الخصم لا ينازع في الوجود وإنما ينازع في الوحدانية فجيء بما هو مسلم عنده من صفات الكمال للإستدلال به على ما يقتضيه ضرورة من وحدانيته تعالى واستحالة أن يشاركه شيء في الألوهية وقال بعضهم : لا مانع من أن يكون المراد الإستدلال بما ذكر من الآيات على مجموع الوجود الوحدانية والخصم ينكر ذلك وإن لم ينكر الوجود وكان في أخذ الوجود في المطلوب إشارة إلى أن القول به مع زعم الشركة في الألوهية مما لا يتعد به وليس بينه وبين عدم القول به كثير نفع فتدبر ذاك والله تعالى يتولى هداك وهو الذي سخر البحر شروع في نوع آخر من النعم متعلق بالبحر اثر تفصيل النوع المتعلق بالبر وجعله بعضهم عديلا لقوله تعالى : هو الذي أنزل من السماء ماء لكم فلذا جاء على أسلوبه جملة إسمية معرفة الجزئين وما وقع في البين إما مترتب على ذلك الماء المنزل وإما متضمن لمصلحة ما يترتب عليه والبحر على ما في البحر يشمل الملح والعذب والمعنى جعل لكم ذلك بحيث تتمكنون من الإنتفاع به بالركوب والغوص والإصطياد لتأكلوا منه لحما طريا وهو السمك والتعبير عنه باللحم مع كونه حيوانا للإشارة إلى قلة عظامه وضعفها في أغلب ما يصطاد للأكل بالنسبة إلى الأنعام الممتن بالأكل منها فيما سبق وقيل : للتلويح بانحصار الإنتفاع به في الأكل