ميمي كمسرح منصوب على أنه مفعول مطلق لسخر المذكور أولا وسخرها مسخرات على منوال ضربته ضربات وجمع إشارة إلى اختلاف الأنواع وفي إفادة تسخير ما ذكر إيذان بالجواب عما عسى يقال : إن المؤثر في تكوين النبات حركات الكواكب وأوضاعها فإن ذلك إن سلم فلا ريب في أنها ممكنة الذات والصفات واقعة على بعض الوجوه المحتملة فلا بد من موجد ضرورة احتياج الممكن في وجوده إلى مخصص لئلا يلزم من الوقوع على بعض الوجوه مع احتمال غيره ترجيح بلا مرجح مختار لما أن الإيجاب ينافي الترجيح واجب الوجود دفعا للدور أو التسلسل كذا قاله بعض الأجلة واعترضه المولى العمادي بأنه مبني على حسبان ما ذكر أدلة الصانع تعالى وقدرته واختياره وليس الأمر كذلك فإنه مما لا ينازع فيه الخصم ولا يتعلثم في قبوله قال تعالى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون وقال سبحانه : ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحي به الأرض بعد موتها ليقولن الله الآية وإنما ذلك أدلة التوحيد من حيث أن من هذا شأنه لا يتوهم أن يشاركه شيء في شيء فضلا أن يشاركه الجماد في الألوهية أه وتعقب بأن كون ما ذكر أدلة التوحيد لا يأبى أن يكون فيه إيذان بالجواب عما عسى يقال وأي ضرر في أن يساق شيء لأمر ويؤذن بأمر آخر ولعمري لهذا الإعتراض وجها بهد قول القائل في ذلك إيذان بالجواب عما عسى يقال الخ حيث لم يبت القوم وأقحم عسى في البين لكن للقائل كلام يدل دلالة ظاهرة على أنه اعتبر الأدلة المذكورة أدلة على وجود الصانع عن شأنه أيضا وقد سبقه في ذلك الإمام .
إن في ذلك أي التسخير المتعلق بما ذكر لآيات باهرة متكاثرة على ما يقتضيه المقام لقوم يعقلون .
12 .
- وحيث كانت هذه الآثار العلوية متعددة ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية أظهر جمع الآيات وعلقت بمجرد العقل من غير تأمل وتفكر كأنها لمزيد ظهورها مدركة ببداهة العقل بخلاف الآثار السفلية في ذلك كذا قالوا وهو ظاهر على تقدير كون الإستدلال على الوحدانية لا على الوجود أيضا وأما إذا كان الإستدلال على ذلك ففي دعوى الظهور المذكور بحث لانجرار الكلام على ذلك إلى إبطال التسلسل فكيف تكون الدلالة ظاهرة غير محوجة إلى فكر وأجيب عنه بأن الإستدلال بالدور أو التسلسل إنما هو بعد التفكر في بدء أمرها وما نشأ منه اختلاف أحوالها فافهم .
وجوز أن يكون المراد لقوم يعقلون ذلك والمشار إليه نهاية تعاجيب الدقائق المودعة في العلويات المدلول عليها بالتسخير التي لا يتصدى لمعرفتها إلا المهرة الذين لهم نهاية الإدراك من أساطين علماء الحكمة وحينئذ قطع الآية بقوله سبحانه هنا : يعقلون للإشارة إلى احتياج ذلك إلى التفكر أكثر من غيره والأول أولى كما لا يخفى وما ذرأ أي خلق ومنه الذرية على قول والعطف عند بعض على النجوم رفعا ونصبا أنه مفعول لجعل و ما موصولة أي والذي ذرأكم لكم في الأرض من حيوان ونبات وقيل : من المعادن ولا بأس في التعميم فما أرى حال كونه مختلفا ألوانه أي أصنافه كما قال جمع من المفسرين وهو مجاز معروف في ذلك قال الراغب : الألوان يعبر بها عن الأجناس والأنواع يقال : فلان أتى بالوان من الحدبث والطعام وكان ذلك لما أن اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون وقيل : المراد المعنى الحقيقي أي مختلفا ألوانه