السنة يوما وليلة لما أن ذكر العرض غير مسكون وكذا ما يقرب منه فلا يدخل في حيز الإمتنان في كلامه عند المتمسكين بإذيان الشريعة غير ذلك فلينظر وفي كون الشمس والقمر مما لا شعور لهما خلاف بين العلماء فذهب البعض إلى أنهما عالمان وهو الذي تقتضيه الظواهر وإليه ذهب الصوفية والفلاسفة ولم أشعر بوقوع خلاف في أن الليل والنهار مما لا يشعور لهما نعم رأيت في البهجة القادرية عن القطب الرباني الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره العزيز أن الشهر أو الأسبوع يأتيه في صورة فيخبره بما يحدث فيه من الحوادث ولعل هذا على نحو ظهور القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب وقوله لمن كان يحفظه أنا الذي أسهرتك في الدياجي وأظمأتك في الهواجر وظهور الموت في صورة كبش أملح وذبحه بين الجنة والنار يوم القيامة كما جاء في الخبر وعليك بالإيمان بما جاء عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلّم وأنت في الإيمان بغيره بالخيار وإيثار صيغة الماضي قيل للدلالة على أن ذلك التسخير أمر واحد مستمر وإن تجددت آثاره والنجوم مسخرات بأمره مبتدأ وخبر أي وسائر النجوم البيبانية وغيرها في حركاتها وأوضاعها المتبدلة وغير المتبدلة وسائر أحوالها مسخرات لها خلقت له بخلقه تعالى وتدبيره الجاري على وفق مشيئته فالأمر واحد الأمور وجوز أن يكون واحد الأوامر ويراد منه الأمر التكويني عند من لا يقول بإدراك النجوم والمعنى أنها مسخرة لما خلقت له بقدرته تعالى وإيجاده قيل : وحيث لم يكن عود منافع النجوم إليهم في الظهور بمثابة ما قبلها من الجديدين والنيرين لم ينسب تسخيرها إليهم بأداة الإختصاص بل ذكر على وجه يفيد أنها تحت ملكوته D من غير دلالة على شيء آخر لذلك عدل عن الجملة الفعلية الدالة على الحدوث إلى الإسمية المفيدة للدوام والإستمرار وقرأ ابن عامر برفع الشمس والقمر أيضا فيكون المبتدأ الشمس والبواقي معطوفة عليه و مسخرات خبر عن الجميع ولا يتأتى على هذه القراءة ما قيل في وجه عدم نسبة تسخير ذلك إليهم بأداة الإختصاص كما لا يخفى واعتبار عدم كون ظهور المنافع بمثابة السابق بالنظر إلى المجموع كما ترى ومن الناس من قال في ذلك : إن المراد بتسخير الليل والنهار لهم نفعهم بهما من حيث أنهما وقتا سعى في المصالح واستراحة ومن حيث ظهور ما يترتب عليه منافعهم مما نيط به صلاح المكونات التي من جملتها ما فصل وأجمل مثلا كالشمس والقمر فيهما ويؤل ذلك بالآخرة إلى النفع بذلك وهو معنى تسخيره لهم فيكون تسخير الليل والنهار لهم متضمنا لتسخير ذلك لهم فحيث أعاده الكلام أولا استغنى عن التصريح به ثانيا وصرح بما هو أعظم شأنا منه وهو أن تلك الأمور لم تزل ولا تزال مقهورة تحت قدرته منقادة لإرادته ومشيئته سواء كنتم أو لم تكونوا فليتدبر وقرأ الجمهور والنجوم و مسخرات بالنصب فيهما وكذا فيما تقدم وخرج ذلك على أن النجوم مفعول أول لفعل محذوف ينبيء عنه الفعل المذكور و مسخرات مفعول ثان له أي وجعل النجوم مسخرات وجوز جعل جعل بمعنى خلق المتعدي لمفعول واحد فمسخرات حال واستظهر أبو حيان كون النجوم معطوفا على ما قبله بلا إضمار و مسخرات حينئذ قيل حال من الجميع على أن التسخير مجاز عن النفع أي نفعكم بها حال كونها مسخرات لما خلقت له مما هو طريق لنفعكم وإلا فالحمل على الظاهر دال على أن التسخير في حال التسخير بأمره ولا كذلك لتأخر الأول وقيل : لذلك أيضا : إن المراد مستمرة على التسخير بأمره الإيجادي لأن الإحداث لا يدل على الإستمرار وجوز بعض أجلة المعاصرين أن يكون حالا مؤكدة بتقدير بأمره متعلقا بسخر والكلام من باب التنازع وقبوله مفوض إليك وقيل : هو مصدر