ما عندي إلا عشرة إلا ثلاثة ثم أن كلامه مبني على أمر ومانع معنوي لا على عدم جواز تخلل كلام منقطع بين المستثنى والمستثنى منه كما قيل وأن كان مانعا أيضا كما صرح به الرضي فتدبر انتهى فافهم ذاك والله سبحانه يتولى هداك وقرأ الأخوان لمنجوهم بالتخفيف .
قدرنا إنها لمن الغابرين .
60 .
- أي الباقين في عذاب الله تعالى كما أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أو الباقين مع الكفرة لتهلك معهم وأصله من الغبرة وهي بقية اللبن في الضرع وقرأ أبو بكر عن عاصم قدرنا بالتخفيف وكسرت همزة أن لتعليق الفعل بوجود لام الإبتداء التي لها صدر الكلام وعلق مع أن التعليق في المشهور من خواص أفعال القلوب قال الزمخشري لتضمن فعل التقدير معنى العلم ولذلك فسره العلماء تقدير الله تعالى أفعال العباد بالعلم والمراد بتضمنه ذلك قيل المعنى المصطلح وقيل : التجوز عن معناه الذي كأنه في ضمنه لأنه لا يقدر إلا ما يعلم ذكره المدقق توجيها لكلام الزمخشري ثم قال : وليس ذلك من باب تضمين الفعل معنى فعل آخر في شيء حتى يتعرض بأنه لا ينفع الزمخشري لبقاء معنى الفعلين نعم هو على أصلهم من أنه كناية معلوم محقق لا مقدر مراد وقال القاضي : جاز أن يقال : أجرى مجرى القول لأن التقدير بمعنى القضاء قول وأما أنا فلا أنكر على جار الله أن التعليق لتضمن معنى العلم وإنما أنكر نفي كونه مقدورا مرادا انتهى وإنما أنكره لأنه اعتزال تأباه الظواهر ومن هنا قال إبراهيم النخعي فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم : بيني وبين القدرية هذه الآية وتلاها والظاهر أن هذا من كلام الملائكة عليهم السلام وإنما أسندوا ذلك إلى أنفسهم وهو فعل الله سبحانه لما لهم من الزلفى والإختصاص وهذا كما يقول حكاشية السلطان أمرنا ورسمنا بكذا والآمر هو في الحقيقة وقيل : ولا يخفى بعده هو من كلام الله تعالى فلا يحتاج إلى تأويل قيل : وكذا لا يحتاج إليه إذا كان المراد بالتقدير العلم مجازا .
فلما جاء ءال لوط المرسلون .
61 .
- شروع في بيان إهلاك المجرمين وتنحية آل لوط ووضع الظاهر موضع الضمير للإيذان بأن مجيئهم لتحقيق ما أرسلوا به من ذلك وليس المراد به ابتداء مجيئهم بل مطلق كينونتهم عند أل لوط فإن ما حكى عنه عليه السلام بقوله تعالى قال إنكم قوم منكرون .
62 .
- إنما قاله عليه السلام بعد اللتيا والتي حين ضاقت عليه الحيل وعيت به العلل ولم يشاهد من المرسلين عند مقاساة الشدائد ومعاناة المكائد من قومه الذين يريدون بهم ما يريدون ما هو المعهود والمعتاد من الإعانة والإمداد فيما يأتي ويذر عند تجثمه في تخليصهم إنكارا لخذلانهم وتركهم نصره في المثل المضايقة المعترية له بسببهم حيث لم يكونوا عليهم السلام مباشرين معه لأسباب المدافعة والممانعة حتى ألجأته إلى أن قال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد حسبما فصل في سورة هود لا أنه عليه السلام قاله عند ابتداء ورودهم له على معنى أنكم قوم تنكركم نفسي وتنفر منكم فأخاف أن تطرقوني بشر كما قيل كيف لا وهم بحوا بهم المحكي بقوله سبحانه قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون .
63 .
- أي بالعذاب الذي كنت تتوعدهم به فيمترون ويشكون ويكذبون فيه قد قشروا العصا وبينوا له عليه السلام جلية الأمر فأنى يعتريه بعد ذلك المساءة وضيق الذرع قاله العلامة أبو السعود وهو كلام معقول وجعل يل إضرابا عما حسبه عليه السلام من ترك النصرة له والمعنى