ذلك الإستثناء بلا بعد اشتراكا فيه نحو ما بر أب وابن إلا زيدا أي زيد أب بار وابن بار فإن لم يكن الإشتراك نحو ما فضل ابن أبا إلا زيدا أو كان بعيدا نحو ما ضرب أحد أحدا إلا زيدا فإن الأغلب مغايرة الفاعل للمفعول نظرنا فإن تعين دخول المستثنى في أحدهما دون الآخر فهو استثناء منه وليه أو لا نحو ما فدى وصى نبيا إلا عليا كرم الله تعالى وجهه وإن احتمل دخوله في كل واحد منهما فإن تأخر عنهما المستثنى فهو من الأخير نحو ما فضل ابن أبا إلا زيدا وكذا ما فضل أبا ابن إلا زيد لأن اختصاصه بالأقرب أولى لما تعذر رجوعه إليهما وإن تقدمهما معا فإن كان أحدهما مرفوعا لفظا أو معنى فالإستثناء منه لأن مرتبته بعد الفعل فكأن الإستثناء وليه بعده نحو ما فضل إلا زيدا أبا ابن أو من ابن وإن لم يكن أحدهما مرفوعا فالأول أولى به لقربه نحو ما فضلت إلا زيدا واحدا على أحد ويقدر للأخير عامل وإن توسطهما فالمتقدم أحق به لأن أصل المستثنى تأخره عن المستثنى منه نحو ما فضل أنا إلا زيد ابن ويقدر أيضا للأخير عامل وإن لم يتغايرا معنى اشتركا فيه وإن اختلف العاملان فيهما نحو ما ضرب أحد وما قتل إلا خالدا لأن فاعل قتل ضمير أحد انتهى .
وجزم ابن مالك فيما إذا تقدم شيآن مثلا يصلح كل منهما للإستثناء منه بأن الإستثناء من الأخير وأطلق القول في ذلك فليتأمل ذاك مع ما نحن فيه وقال القاضي البيضاوي : إنه على الإنقطاع يجوز أن يجعل إلا امرأته مستثنى من آل لوط أو من ضمير منجوهم وعلى الإتصال بتعيين الثاني لاختلاف الحكمين اللهم إلا إذا جعلت جملة أنا لمنجوهم معترضة انتهى ومخالفته لما نقل عن الزمخشري ظاهرة حيث جوز الإستثناء من المستثنى في الإنقطاع ومنعه الزمخشري مطلقا وحيث جعل اختلاف الحكمين في الإتصال وأثبته الزمخشري مطلقا أيضا وبين اختلاف الحكمين بنحو ما بين به في كلام الزمخشري ولم يرتض ذلك مولانا سرى الدين وقال : المراد بالحكمين الحكم المفاد بطريق استثناء الثاني من الأول وهو على تقدير الإتصال إجرام الإمرأة والحكم المقصود بالإفادة وهو الحكم عليها بالإهلاك وبين إتحاد هذا الحكم المقصود مع الحكم المفاد بالإستثناء على تقدير الإنقطاع بأنه على ذلك التقدير تكون إلا بمعنى لكن و إنا لمنجوهم خبرا له ثابتا للآل فيكون الحكم الحاصل من الإستثناء منه بعينه هو الحكم المقصود بالإفادة ويقال على تقدير الإتصال والإعتراض : إن الحكمين وإن اختلفا ظاهرا إلا أنه لما كانت الجملة المعترضة كالبيان لما يقتضيه الإستثناء الأول كان في المعنى كأنه هو وصار الإخراج منه كالإخراج منه وهذا بخلاف ما إذا كان استئنافا فإنه يكون منقطعا عنه ويكون جوابا لسؤال مقدر ولا يتم الجواب بدون الإستثناء ولا يخلو عن الإعتراض وقال بعضهم في توجيه الإستثناء على هذا : إن هناك حكمين الإجرام والإنجاء فيجر الثاني الإستثناء إلى نفسه كيلا يلزم الفصل إلا إذا اعتراضا فإن فيه سعة حتى يتخلل بين الصفة وموصوفها فيجوز أن يكون استثناء من آل لوط ولذا جوز الرضي أن يقال : أكرم القوم والنحاة بصريون إلا زيدا ويرد عليه أن كون الحكم المفاد بالإستثناء غير الحكم المقصود بالإفادة باقيا بحاله ولا يحتاج الأمر إلى ما سمعت وهو كما سمعت والذي ينساق إلى الذهن ما ذكره الزمخشري وفي الحواشي الشهابية أنه الحق دراية ورواية أما الأول فلأن الحكم المقصود بالإخراج منه هو الحكم المخرج منه الأول والثاني حكم طاريء من تأويل إلا بلكن وهو أمر تقديري وأما الثاني فلما ذكر في التسهيل من أنه إذا تعدد الإستثناء فالحكم المخرج منه حكم الأول ومما يدل عليه أنه لو كان الإستثناء مفرغا في هذه الصورة كما إذا قلت : لم يبق في الدار إلا اليعافير أبقاها الزمان إلا يعفور صيد منها فإنه يتعين إعرابه بحسب العامل الأول كقولك :