كان تفضلا منه سبحانه إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه بمقتضى وعده جل وعلا فجيء بعلي لذلك أو إلى ما تضمنه المخلصين بالكسر من الإخلاص على معنى أنه طريق يؤدي إلى الوصول إلى من غير اعوجاج وضلال وهو على نحو طريقك علي إذا انتهى المرور عليه وإيثار حرف الإستعلاء على حرف الإنتهاء لتأكيد الإستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو أدل على التمكن من الوصول وهو تمثيل فلا استعلاء لشيء عليه سبحانه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وليست على فيه بمعنى إلى نعم أخرج ابن جرير عن الحسن أنه فسرها بها وأخرج عن زياد بن أبي مريم وعبدالله بن كثير أنهما قرآ هذا صراط مستقيم وقالا : على هي إلى وبمنزلتها والأمر في ذلك سهل وهي متعلقة بيمر مقدرا و صراط متضمن له فيتعلق به .
وقال بعضهم : الإشارة إلى انقسامهم إلى قسمين أي ذلك الإنقسام إلى غاو وغيره أمر مصيره إلي وليس ذلك لك والعرب تقول : طريقك في هذا الأمر على فلان على معنى إليه يصير النظر في أمرك وعن مجاهد وقتادة أن هذا تهديد للعين كما تقول لغيرك افعل ما شئت فطريقك علي أي لا تفوتني ومثله على ما قال الطبرسي قوله تعالى : إن ربك لبالمرصاد والمشار على هذا إليه ما أقسم مع التأكيد عليه وأظهر هذه الأوجه على ما قيل هو الأول واختار في البحر كونها إلى الإخلاص وقيل : الأظهر أن الإشارة لما وقع في عبارة إبليس عليه اللعنة حيث قال : لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم الخ ولا أدري ما وجه كونه أظهر .
وقرأ الضحاك وإبراهيم وأبو رجاء وابن سيرين ومجاهد وقتادة وحميد وأبو شرف مولى كندة ويعقوب وخلق كثير على مستقيم يرفع على وتنوينه أي عال لارتفاع شأنه أن عبادي ليس لك عليهم سلطان أي تسلط وتصرف بالإغواء والمراد بالعباد المشار إليهم بالمخلصين فالإضافة للعهد والإستثناء على هذا في قوله تعالى : إلا من اتبعك من الغاوين .
42 .
- منقطع واختار ذلك غير واحد واستدل عليه بسقوط الإستثناء في الإسراء وجوز أن يكون المراد بالعباد العموم والإستثناء متصل والكلام كالتقرير لقوله : إلا عبادك منهم المخلصين ولذا لم يعطف على ما قبله وتغيير الوضع لتعظيم المخلصين بجعلهم هم الباقين بعد الإستثناء .
وفي الآية لمن جوز استثناء الأكثر وإلى ذلك ذهب أبو عبيد والسيرافي وأكثر الكوفية واختاره ابن خروف والشلوبين وابن مالك وأجاز هؤلاء أيضا استثناء النصف وذهب بعض البصرية إلى أنه لا يجوز كون المستثنى قدر نصف المستثنى منه أو أكثر ويتعين كونه أقل من النصف واختاره ابن عصفور والآدمي وإليه ذهب أبو بكر الباقلاني من الأصوليين وذهب البعض الآخر من علماء البلدين إلى أنه يجوز أن يكون المخرج النصف فما دونه ولا يجوز أن يكون أكثر وإليه ذهب الحنابلة واتفق النحويون كما قال أبو حيان وكذا الأصوليون عند الإمام والآدمي خلافا لما اقتضاه نقل القرافي عن المدخل لابن طلحة على أنه لا يجوز أن يكون المستثنى مستغرقا للمستثنى منه ومن الغريب نقل ابن مالك عن الفراء جواز له على ألف إلا ألفين وقيل : إن كان المستثنى منه عددا صريحا يمتنع فيه استثناء النصف والأكثر وإن كان غير صريح لا يمتنعان وتحقيق هذه المسئلة في الأصول والمذكور في بعض كتب العربية عن أبي حيان أنه قال : المستقرأ من كلام العرب إنما هو استثناء الأقل وجميع ما استدل به على خلافه محتمل التأويل وأنت تعلم أن الآية تدفع مع ما تقدم